فلنتذكر كعرب … سوريا مجرد جزء من المخطط لنا!! (2)
بقلم / الدكتورة شيماء سراج عمارة
دكتوراه اقتصادخبير تقييم مشروعات
تناولنا في المقال السابق مدخل مخطط برنارد لويس لتقسيم منطقة الشرق الأوسط، والتي تمت الموافقة عليها عام 1983 من جانب الكونجرس الامركي في جلسة سرية، والمتتبع للأحداث سيعرف أن بداية التنفيذ الفعلي لهذا المخطط كانت منذ عام 1990، منذ بداية الغزو العراقي للكويت، والتي اتخذتها الولايات المتحدة الامريكية ذريعة لزيادة صادراتها من الأسلحة، بهدف الحفاظ على قوة وتماسك اقتصادها، نتيجة انخفاض الطلب الأمريكي على الأسلحة محلية الصنع خلال تلك الفترة.
ومنذ هذا التاريخ وبتتبع السياسة الامريكية، نجدها تتسم بسياسة النفس الطويل بهدف تنفيذ مخطط برنارد لويس، والذي يمكن أن نذكر بعض ملامحه كالتالي:
فرأى أنه يمكن تفتيت العراق إلى دولة شيعية في الجنوب حول البصرة، ودويلة سنية في وسط العراق حول بغداد، ثم دويلة كردية في الشمال والشمال الشرقي، وهو الامر الذي قد يفسر الصراع على إقليم كردستان.
ثم تقسيم سوريا إلى أربع دويلات : دويلة علوية شيعية، ودويلة سنية في منطقة حلب، ودويلة سنية في منطقة دمشق، ثم دويلة الدروز في الجولان ولبنان، وهو الهدف الذي قد يترجم الوضع الحالي في الأراضي السورية.
أما لبنان فقد اقترح مشروع “برناد لويس” تقسيمها إلى ثمان دول، دويلة سنية في الشمال وعاصمتها طرابلس، ثم دويلة مارونية شمالا عاصمتها جونية، ودويلة سهل البقاع العلوية عاصمتها بعلبك، وبيروت الدولية، وكانتون فلسطيني حول صيدا، وكانتون كتائبي في الجنوب، ودويلة درزية ثم كانتون مسيحي تحت النفوذ الاسرائيلي.
وبالنسبة إلى مصر، فرأى أنها المتنفس الاستراتيجي لإسرائيل، لذا اقترح تقسيمها إلى أربع دويلات: سيناء وشرق الدلتا، والدولة النصرانية وعاصمتها الإسكندرية، ودولة النوبة وعاصمتها السودان، ثم مصر الإسلامية وعاصمتها القاهرة.
كما أوصى بتقسيم السودان إلى أربع دويلات : دويلة النوبة، ودويلة الشمال السوداني، ودويلة الجنوب السوداني المسيحي ثم دارفور، والذي تحقق جزء مما أوصى به، وهو انفصال الجنوب السوداني، وهناك صراع على دارفور.
ومن مقترحاته أيضاً تفكيك ليبيا إلى دولة البربر، ودولة البوليساريو ثم الباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس ولييبا، واليوم نرى ليبيا الشقيق ممزق، لتبدأ رؤية برنارد في التحقق على أرض الواقع كما خطط لها.
كما اقترح برنارد إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات من الخريطة، وتحويل شبه الجزيرة العربية إلى ثلاث دويلات، دويلة الإحساء الشيعية، وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين، ثم دويلة نجد السنية ثم دويلة الحجاز السنية.
تفتيت ايران وباكستان وأفغانستان إلى كردستان، وأذربيجان، وتركمسنتان، وعربستان، وايرانستان، وبوخنستان، وبلونستان، وأفغانستان، وباكستان ثم كشمير.
أما تركيا فيقترح مشروع “برنارد لويس” انتزاع جزء منها وضمه إلى الدولة الكردية المزمع إقامتها في العراق وتصفية الأردن وابتلاع فلسطين بالكامل.
واستناداً إلى المخطط الشيطاني لتفكيك المنطقة، يمكن أن نتيقن من أن ” داعش” ما هي إلا صناعة أمريكية، وبالتالي فهي الأداة المنفذة لمخطط برنارد لويس في منطقة الشرق الاوسط، لتفسر التمدد السريع لتنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق و سوريا، وأن هدفها هو إشعال نار الفتن الطائفية في المنطقة تمهيداً للتفكيك المستهدف للمنطقة بأسرها، وهو الأمر الذي لا يخلو أيضاً من أهداف اقتصادية، متمثلة في تحقيق المكاسب المادية الناتجة عن بيع الأسلحة وافتعال الحروب في المنطقة.
وهو الامر الذي تؤيده إسرائيل كي لا تكون هناك قوة أكبر منها في المنطقة، كما أن هذا الأمر يسير وفقاً لرغبة تركيا المتمثل في خطواتها نحو إحياء “دولة الخلافة الإسلامية”، لتتربع على عرش الدول الإسلامية.
وبعد عرض تلك المخططات التي خرجت من نطاق السرية إلى العلنية، وما يتم تنفيذه من خطوات فعلية تطبق على أرض الواقع، يبقى على الدول العربية ووسائل إعلامها المختلفة أن تضع تلك الاهداف وخطواتها صوب أعينها، على ألا يحيدوا عنها مهما أبعدتهم وسائل الإعلام الدولية، والتي تُصدر لنا مشاهد تبعدنا عما يستهدفون تحقيقه، لنردد ما يقولونه وننسى أهدافهم الخفية، فنتقاتل، ونتناحر لتحقيق مصالح وقتية، وتكون النتيجة تشرذمنا، وهو الأمر الذي يقود الآخرين إلى الوصول لمخططاتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية مجتمعة، والسبب في وصولهم لأهدافهم، سيكون محدودية الرؤية وقصر نظر معظمنا والبحث عن مكاسب وقتية طائفية، ليتسببوا بذلك في أن تصبح المشاهد التي نراها في سوريا أقل من المتوقع.