أهم الأخبارالحدثتقارير وملفات

في ذكرى رحيل الصوت العذب ..الحصرى أول من سجل المصحف المرتل في العالم

كتب- احمد عبدالوهاب :

صوت عذب رقيق يخطف الأذهان وتنصت إليه القلوب لايخلو من رقة قادر على اقحام المستمع داخل معانى الايات حتى وان لم يفقه معناها، يرتل الأيات القرأنية بتمعن وخشوع ليتفنن في احكام التجويد والترتيل والمقامات كى يقف الجميع صامتا منتبها بأدب لما يتلألأ به من تلاوة راعة كى يسطر اسمه بحروف من نور في سجل تاريخ المقرئين المصريين دون غيرهم .

“إن الإيمان إذا دخل قلبا، خرج منه كل ما يزيغ العقل”، كلمات ختامية للشيخ الحصرى قبل وفاته الذى توفى مثل هذا اليوم مساء يوم 24 نوفمبر عام 1980 عقب أدائه صلاة العشاء بعدما عاش أكثر من 50 عاما مع القرآن الكريم.

يعد الحصرى أكثر قراء القرآن الكريم علمًا ودراية وخبرة بفنون القراءة، فقد كان مستفيضًا بعلوم التفسير والحديث، كما كان يجيد قراءة القرآن الكريم بالقراءات العشر، إضافة الى انه نال شهادة علمية فيها من الأزهر الشريف عام 1958.

يعتبر الحصرى أول من سجل المصحف المرتل فى أنحاء العالم برواية حفص عن عاصم،  وأول قارئ للقرآن فى البيت الأبيض وقاعة الكونجرس الأمريكى، فيما وقد أذن لصلاة الظهر داخل القاعة حيث ظل متجليا لمدة نصف ساعة فى قراءة القرآن الكريم، وقد هز صوته جميع الأرجاء بالبيت الأبيض ليجبر الجميع على الصمت وسماع القرآن بخشوع نظرا لصوته المتميز.

ولد الشيخ الراحل بقرية شبرا النملة، التابعة لمركز طنطا، بمحافظة الغربية، حيث التحق بكتاب القرية فى سن الرابعة من عمره، ليتم حفظ القرآن الكريم وهو لا يزال فى الثامنة من عمره.

وفى الثانية عشر من عمره انضم للمعهد الدينى فى طنطا، ثم تعلم القراءات العشر وعقب ذلك فى رحاب الأزهر الشريف، وأخذ شهاداته فى ذلك العلم، ليتفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز وأداء حسن، حيث كان يقرأ القرآن فى مسجد قريته.

وخلال عام 1944 تقدم بأوراق التحاقه إلى الإذاعة المصرية بطلب كقارئ للقرآن الكريم، وبعد مسابقة عقدت للمتقدمين حصل على العمل في الإذاعة، فيما كان أول بث مباشر لقراءته على الهواء فى 16 نوفمبر عام 1944م، واستمر البث الحَصْرِى له على أثير إذاعة القرآن المصرية لمدة 10 سنوات.

قام بالسفر للخارج لجميع الدول العربية والإسلامية، وكذلك إلى روسيا، والصين، وسويسرا، وكندا، والعديد من عواصم العالم، حيث استقبله عدد كبير من الملوك والرؤساء والأمراء فى معظم دول العالم منهم الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، فيما توجه عام 1970 لأمريكا أول مرة كموفد من وزارة الأوقاف للجاليات الإسلامية بأمريكا الشمالية والجنوبية ويعتبر الحصرى اول من رتل القرآن الكريم فى الأمم المتحدة بعد قراره لزيارته لأمريكا عامى 1973 و1977.

تقلد الشيخ الحصرى، رحمه الله، العديد من المناصب، حيث عُين شيخًا لمقرأة سيدى عبدالمتعال فى طنطا، ثم عُين فى 7 أغسطس 1948 مؤذنًا فى مسجد سيدى حمزة، وفى 10 أكتوبر 1948 عدل القرار إلى قارئ فى المسجد مع احتفاظه بعمله فى مقرأة سيدى عبدالمتعال.

صدر قرار وزارى لتكليفه بالإشراف الفنى على مقارئ محافظة الغربية، وفى 17 أبريل 1949م تم انتدابه قارئًا فى مسجد سيدى أحمد البدوى فى طنطا.. وفى عام 1955م انتقل إلى مسجد الإمام الحسين فى القاهرة.. ثم عين عام 1957م مفتشًا للمقارئ المصرية.

وفى عام  1958م تم تعيينه وكيلًا لمشيخة المقارئ المصرية، وتخصص فى علوم القراءات العشر الكبرى، وطرقها وروايتها بجميع أسانيدها، وقد نال عنها شهادة علوم القراءات العشر من الأزهر الشريف، وعُين مراجعًا ومصححًا للمصاحف بمشيخة الأزهر الشريف، وهو أول بعث لزيارة المسلمين فى الهند، وباكستان، وقراءة القرآن الكريم فى المؤتمر الإسلامى الأول بالهند فى حضور الرئيس الأول بالهند فى حضور الرئيس جمال عبدالناصر ثم صدر قرار جمهورى فى عام1961 بتعيينه شيخًا لعموم المقارئ المصرية.

وكان الشيخ الحصرى أول من سجل المصحف المرتل فى أنحاء العالم برواية حفص عن عاصم وظلت إذاعة القرآن الكريم تقتصر على إذاعة صوته منفردًا حوالى 10 سنوات، ثم عين نائبًا لرئيس لجنة مراجعة المصاحف وتصحيحها بالأزهر الشريف ثم رئيسًا لها بعد ذلك.

وفى عام 1965م زار فرنسا أُتيحت له الفرصة إلى هداية 10 فرنسيين لدين الإسلام بعد أن سمعوا كلمات الله أثناء تلاوته للقرآن الكريم، وفى عام 1966م اختاره اتحاد قراء العالم الإسلامى رئيسًا لقرَّاء العالم الإسلامى فى مؤتمر “اقرأ” بكراتشى فى باكستان، كما أنه القارئ الوحيد الذى قرأ القرآن الكريم فى البيت الأبيض الأمريكى.

أوصى الحصرى بالتبرع بثلث تركته للإنفاق منها على مشروعات البر والخير وخدمة المسجدين اللذين شيدهما فى القاهرة، وطنطا، إضافة إلى المعاهد الدينية الثلاثة “الابتدائى والإعدادى، والثانوى الأزهرى” ومكتبين لحفظ القرآن الكريم فى المسجدين بالقاهرة وطنطا، وحفَّاظ القرآن الكريم ومعلميه.

وخلال عام ١٩٨٠م بدأت رحلته الصعبة مع المرض، حيث كان مريضا بالقلب وقام الأطباء بنقله إلى معهد القلب، فلما تحسنت صحته عاود إلى البيت ورحل الشيخ الحصرى في الرابع والعشرين من عام 1980، وكان اليوم الأخير للشيخ الجليل في الدنيا، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخير، أوصى بثلث ممتلكاته لخدمة القرآن الكريم وحفاظه، والأعمال الخيرية، وذلك بعد ما يقرب من الـ55 عامًا عاشهم الشيخ بين سطور القرآن الكريم حيث كان آخر المناصب التي تقلدها الشيخ الحصرى هو رئيس اتحاد قراء العالم الإسلامى.

 

زر الذهاب إلى الأعلى