fbpx
الرأي

كارثة شعب يلهث وراء الموت

لا أستطيع أن أصف ما حدث من زحام وسلوكيات خلال الأيام الماضية، سوى أننا “شعب يلهث وراء الموت” ضاربا بكل تعليمات السلامة عرض الحائط، غير مبال بانتشار فيروس فتاك، ركعت أمامه كبرى دول العالم.

فعلى عكس كل دول العالم، عز على الأغلبية العظمى من المصريين تغيير سلوكياتهم وعاداتهم السنوية، وشهدت كل مدن وقرى مصر -دون استثناء- طوال أيام رمضان، تكالب وزحام غير طبيعي على كل محلات الملابس والحلويات والأسواق، وامتدت خلال أيام العيد لتشهد المئات من حفلات الخطبة والزفاف، لدرجة أنها وصلت إلى حد تنظيم احتفالات للمتعافين من “كورونا” وكأننا بالفعل “نلهث وراء الموت”.

وهو ما نتج عنه ما نراه هذه الأيام من ارتفاع مرعب في أعداد المصابين بـ “كورونا” والتى من المتوقع أن تستمر على ذات الوتيرة ويزيد خلال الأيام القادمة.

للأسف، لقد أثبتت التجارب خلال الأيام القليلة الماضية، أننا في حاجة إلى تغيير ثقافتنا تجاه الفيروس، وإلا فإن الواقع يؤكد أننا على وشك كارثة قد تذهب بحياة الآلاف، بدليل ما شهدته إحدى قرى محافظة الشرقية من أحداث كارثية، كان بطلها وللأسف “طبيب” عضوا بمجلس النواب عن إحدى دوائر المحافظة.

حيث بدأت الكارثة بظهور أعراض الإصابة على 3 أشقاء، زادت بشكل كبير على “الشقيق الأول” مما دعا “النائب الطبيب” إلى التدخل وعزله بمستشفى حميات الزقازيق، إلا أنه فى اليوم توفي المريض قبل ظهور نتيجة “المسحة” وهنا كان فرضا على “الطبيب النائب” ضرورة التدخل للإفراج عن جثمان المتوفى، مراعاة للروابط العائلية والانتخابية.

ولأن التشخيص المبدئي حتى تلك اللحظة لم يكن يزيد عن “التهاب رئوي” فقد حدثت “الكارثة” حيث استخدم النائب صلاحياته وأفرج عن “جثمان المتوفى” دون اتخاذ الحد الأدنى من الاشتراطات الصحية، مكتفيا فقط بوضع الجثمان في كيس بلاستيك أسود، واصطحابه إلى القرية، حيث تم تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، بل وإقامة عزاء شارك فيه العشرات من أبناء القرية، بما فيهم الشقيقين المصابين.

وفي اليوم الثاني ظهرت نتيجة الكارثة، حيث أكدت مسحة المتوفى “إيجابية الإصابة” حيث عم الذعر أرجاء القرية، فى الوقت الذى شهدت فيه أعراض الإصابة على “الشقيق الثاني” الذى كان يعمل بالعيادة الخاصة لـ “الطبيب النائب”.

وتدخل النائب مرة أخرى، حيث تم احتجاز “الشقيق الثاني” في مستشفى العزل بفاقوس، إلا أنه توفي في اليوم الثاني، غير أنه فى هذه المرة، تم اتخاذ كافة الاشتراطات الصحية مع المتوفى.

وزادت الكارثة فى اليوم التالى لوفاة “الشقيق الثاني” حيث ظهرت أعراض الإصابة بشدة على “الشقيق الثالث” وتدخل النائب للمرة الثالثة وحجز المريض بمستشفى العزل بفاقوس، الذى قام بدوره بتحويله إلى مستشفى حميات الزقازيق، ليفاجأ الجميع بكارثة وفاته أيضا فى اليوم التالى، وسط صدمة وذهول ورعب عم أرجاء الشرقية.

وبعد وقوع كارثة وفاة “الأشقاء الثلاثة” تحركت كل قيادات المحافظة، حيث تم فرض حجر منزلى كامل على كل من شارك في مراسم تغسيل وتكفين ودفن وعزاء “الشقيق الأول” ومن خالطوا الأشقاء الثلاثة، والذين زاد عددهم عن الـ 80 شخصا، بما فيهم “النائب الطبيب” وعائلته.

ورغم ذلك، ما زالت التجمعات موجودة، والتكالب والزحام موجود فى كل مدن وقرى مصر، وما زلنا نتعامل مع الفيروس بستهانة، فى الوقت الذي توقعت فيه اللجنة العليا للفيروسات، أن تكون هناك إصابات غير معلنة بالفيروس تتراوح بين 5 و 7 أضعاف الأعداد المعلن عنها، دون أن تظهر عليهم أعراض المرض.

للأسف تلك كانت ثقافتنا في التعامل مع الفيروس خلال الأيام الماضية “ومازالت” فما بالنا بما سيحدث لو أقدمت الحكومة على اتخاذ قرار برفع الحظر، وعودة الحياة إلى طبيعتها.. ادعو الله لمصر معى بالسلامة.

زر الذهاب إلى الأعلى