الرأي

كرم بدرة يكتب: الطيران الوطني والحلم الذي تحقق

 

بعد أحداث يناير 2011، وبين زحمة التحولات السياسية والاجتماعية، كان كثيرون يتطلعون إلى مصر جديدة، أكثر تقدماً. ومن بين هذه الأحلام، بروز شركات وطنية قادرة على أن تحمل على عاتقها دوراً استراتيجياً في دعم الاقتصاد القومي، واليوم، ونحن في عام 2025، يتأكد أن بعض هذه الأحلام قد وجد طريقه إلى أرض الواقع.
شركة Aircair المصرية لم تأت من فراغ، بل هي امتداد لإرادة وطنية أرادت أن تفتح بوابة جديدة للسياحة المصرية، وتشير التقديرات إلى أن الشركة باتت تساهم في جلب ما يزيد عن 10% من حركة السياحة الوافدة إلى مصر، خاصة إلى الغردقة، وشرم الشيخ، ومرسى علم، وإذا ما تضافرت الجهود السياسية والرئاسية لدعم هذه التجربة، فقد نرى قريباً ارتفاع النسبة إلى 60%، لتتحول هذه الشركة إلى أداة استراتيجية ليس فقط في دعم السياحة، بل في رسم صورة مصر أمام العالم كوجهة تستحق الحياة والزيارة.

القاهرة القديمة … عودة الروح
وفي موازاة ما يجري في السماء، تجري على الأرض ملحمة أخرى لا تقل أهمية. ففي قلب القاهرة القديمة، ومن سور مجرى العيون إلى السيدة نفيسة، وصولاً إلى هضبة المقطم، تجري عملية جراحية كبرى لإزالة ما راكمته عقود من الإهمال والعشوائية، هذه ليست مجرد عمليات تطوير عمرانية، بل هي استعادة لتاريخ مصر، وبعث لروح مدينة عريقة كانت حاضرة الدنيا عبر قرون طويلة.
لقد ظلّت القاهرة القديمة شاهدة على إهمال استمر لأكثر من 50 عاماً، حتى جاءت الدولة في السنوات الأخيرة لتفتح صفحة جديدة، تُعيد إلى مصر ما فقدته من رونق. وما نراه اليوم من ميادين نظيفة، وشوارع منظمة، ومعالم أثرية تستعيد بريقها، هو حلم طالما راود أجيالاً، وها هو يتحقق أمام أعيننا.

الاقتصاد: بين السياحة والزراعة
إن الرسالة الأوضح من هذه النجاحات أن مصر قادرة على أن تنهض، شرط أن نضع أقدامنا على الطرق الصحيحة، بعيداً عن اللهو والجدل الذي لا يفيد، فالسنوات الخمس القادمة ليست سنوات ترف أو استهلاك فارغ، بل هي سنوات حسم اقتصادي، سيكون فيه السياحة والزراعة هما قاطرة التنمية.
السياحة بما تحمله من تدفقات نقدية وفرص عمل، والزراعة بما تمثله من أمن غذائي واستقرار اجتماعي، هما جناحا الطائر الذي يمكن أن يرفع مصر من عنق الزجاجة. وإذا كانت شركة طيران وطنية قد أعادت الأمل في السماء، فإن مشروعات استصلاح الأراضي وتحديث الزراعة تعيد الأمل إلى الأرض.

كلمة أخيرة
ما يحدث اليوم ليس إلا البداية، وإذا كانت القاهرة القديمة قد استعادت جزءاً من جمالها، والسياحة قد استعادت جزءاً من بريقها، فإن القادم أعظم، المهم أن ندرك أن مصر، بتاريخها ومكانتها، تستحق أن تكون في مصاف الدول المتقدمة، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر العمل الجاد، والاستثمار في القطاعات الحقيقية، والتخطيط بعيد المدى.
هذا هو الدرس الذي يجب أن نتمسك به: مصر تستطيع أن تكون أفضل، إذا وضعنا الجهد في ما ينفع الوطن، لا في ما يستهلك طاقته بلا مردود.

زر الذهاب إلى الأعلى