fbpx
الرأي

كوارث “دراويش الخميني”

بقلم الكاتب الصحفي

صبري الديب

لا أعتقد أن “النظام الإيرانى” يمتلك من الرفاهية في الوقت الحالى، ما يجعله يتمادى في سياسة تبنى مشروع “الإمبراطورية الفارسية الشيعية” ذات النفوذ، والذي عملت كل الإدارات الإيرانية المتعاقبة على تحقيقها منذ الإطاحة بنظام الشاه في عام 1979، ولاسيما بعد الكوارث التي حلت على إيران والإيرانيين من جراء تلك السياسات التوسعية المتهورة، التي جعلت من إيران طرفا في كل مشكلات المنطقة، وهوت بالاقتصاد الإيراني إلى الحضيض.

فمنذ أيام، تقدم وزير الصحة الإيراني “قاضي زادة هاشمي” باستقالة للرئيس حسن روحاني، بعد خفض ميزانية الوزارة بشكل كبير، وأكد زادة، أنه لم يعد بإمكانه العمل بفعالية في حدود الميزانية الحكومية المقبلة، التي تقيد عمل الوزارة بشكل غير مسبوق، بسبب الأزمة الاقتصادية الرهيبة التي تمر بها البلاد بعد العقوبات الأمريكية الأخيرة على إيران.

ولعل ما يدعو للأسف في أمر ما يدور في الجمهورية الإسلامية، وما يحيط بمستقبل البلاد من مخاطر، خاصة بعد العقوبات الأمريكية، أن الله وهب لتلك الدولة من الإمكانيات والعقول والطبيعة، ما يجعلها بالفعل في مصاف الدول العظمى، في حالة تركيز قادتها في أمور الدولة، وتسخير مواردها لصالح والشعب، بعيدا عن سياسة التآمر وفرض النفوذ، وهو ما لم يفعله قادة “الجمهورية الإسلامية” الذين تبنوا منذ صعود “آية الله الخومينى” ورجاله إلى سدرة الحكم في طهران، “مشروع توسعى” بددوا من أجل تحقيقه مئات المليارات من الدولارات من أموال الشعب، وزرعوا بموجبه فتن بين “السنة والشيعة” في أغلب بلدان المنطقة، وكانوا المحرك الأول لكل الكوارث في “سوريا والعراق اليمن والبحرين ولبنان”.

للأسف، إن السياسة غير الحكيمة لـ”دراويش الخميني” في العالم، سوف تجعل من السنوات القادمة الأسوأ في تاريخ إيران، ولا سيما وأن الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران، والتي بدأ تنفيذها منذ نوفمبر الماضى، سوف تكون أكثر ألما على الإيرانيين والاقتصاد الإيراني، خاصة وأنها تحظر التعامل مع أغلب القطاعات الحساسة في البلاد، مثل شركات المواني، وقطاعات الشحن وبناء السفن، وشركات النفط، بما فيها شراء النفط والمنتجات النفطية والمنتجات البتروكيماوية.

كما تحظر العقوبات كافة التعاملات مع البنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية، وتسحب كافة التفويضات الممنوحة للكيانات الأجنبية المملوكة أو التي تسيطر عليها الولايات المتحدة في إيران، وذلك بعد أن كانت الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية قد شملت قطاع السيارات، وبيع وشراء الحديد والصلب والألومنيوم، وسحب تراخيص صفقات الطائرات التجارية، والقطاع الصناعي الإيراني بشكل عام.

إن سياسات النظام الإيرانى المتهورة وغير المتزنة في العالم قد أدت بالبلاد إلى مثل هذا المصير المشئوم، وأنه لو ساروا بسياسة المنطق وركز في بناء الدولة والنهوض بالشعب، وإقامة علاقات سوية مع دول العالم، بما فيهم العرب ودول الجوار، وترك “الشيعة” في كل البلدان يتعايشون في إطار دولهم، مثلهم مثل باقى الطوائف، لوفروا على الشعب الإيرانى مئات المليارات من الدولارات التي تم إنفاقهم على زرع القلاقل ونشر التشيع.

للأسف، إن كل المؤشرات تؤكد أن إيران مقبلة على سيناريو اقتصادي قاتم، خاصة وأنها كانت تراهن في موازنة السنة المالية الحالية على تحقيق صادرات نفطية بمعدل 2.5 مليون برميل يوميا، في حين تستهدف في موازنة العام المقبل تصدير 1.5 مليون برميل يوميا، أي بانخفاض يصل إلى مليون برميل في اليوم الواحد، في حين أن التقديرات الخبراء لا ترجح قيام طهران بتصدير أكثر من 700 ألف برميل في اليوم الواحد بسبب العقوبات الأمريكية، وهو ما يعني أن الخزينة الإيرانية ستتكبد خسائر فادحة، جراء انخفاض عائدات النفط، تصل إلى نحو مليونى برميل في اليوم الواحد.

أعتقد أنه أولى بمرشد الثورة والرئيس الجمهورية الإسلامية، ومعهم كل العقلاء في إيران، البدء على الفور في صياغة إستراتيجية سوية جديدة للسياسة الإيرانية، تركز على بناء الدولة والتخلي عن سياسات التوسع والهيمنة، بدلا من سياسات التهديد والوعيد الهشة التي انتهجها خلال الأيام الأخيرة، والتي لن تجلب للبلاد سوى مزيد من الخراب.

زر الذهاب إلى الأعلى