fbpx
الأخباردنيا ودين

كيف تثبت حقك إذا أقرضتَ مالا لشخص ولم يرده إليك؟.. أستاذ بالأزهر يجيب

آمال طارق

أجاب الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، على سؤال ورد إليه، نصه “طلب مني أحد الأشخاص مبلغا من المال قرضا فأعطيته إياه وكان حاضرا مجلسنا قاضي وما أخذت عليه ورقة وما كان من شهود سوى القاضي، وماطل المدين فهل يجوز للقاضي ان يقضي بما علم؟”

افتتح “لاشين” الإجابة، بآية من سورة غافر، وهي قوله تعالى “وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ” (20)

ثم ذكر ما روته كتب السنة، عن ابن عَبَّاسٍ رضي اللُه عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أموالَ قَوْمٍ ودِماءَهُمْ، لَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِي والْيَمينُ على من أَنْكَرَ»؛ حديث حسَنٌ رَوَاهُ الْبَيْهقي.

وسائل إثبات الحقوق في الإسلام

وأوضح “أستاذ الفقه”، أن وسائل إثبات الحقوق كثيرة في الشريعة الإسلامية، مضيفًا أن منها ما هو محل اتفاق بين أهل العلم.. ومنها الشهادة، حيث قال تعالى: ” وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا” (البقرة:282)، وقال عز من قائل “وَلا تَكْتُمُوا الشهادة وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ”  (البقرة:284)

وأضاف: ومنها الإقرار.. أي إقرار الشخص على نفسه بحق للغير، وهو أقوى الأدلة في إثبات الحقوق إذا  روعيت ضوابطه، متابعا ومنها أهلية المقر.. أي أن يكون بالغا عاقلا رشيدا غير محجور عليه

هل يجوز للقاضي ان يقضي بما علم؟

وأكمل “لاشين”، أن من الأدلة المختلف على كونها وسيلة لإثبات الحقوق ما جاء في السؤال، مواصلًا: وبخصوص ما جاء في السؤال:

اتفق أهل العلم على قضاء القاضي بعلمه فيما حدث بمجلس حكمه، واختلفوا فيما علمه خارج مجلس حكمه أيجوز أن يقضي به أم لا؟ على أراء لأهل العلم على النحو الآتي :

١. الرأي الأول: لا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه مطلقا أي أيا كان موضوع الدعوى، قال بهذا الرأي المالكية والشافعية في الظاهر عندهم ،ومحمد بن الحسن في رواية.

واستدلوا بأدلة كثيرة منها قوله تعالى :(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) أمر الله سبحانه وتعالى بجلد القاذف ثمانين جلدة إن لم يأت بشهداء أربعة يشهدون بما قال ولو جاز للقاضي أن يحكم بعلمه لقرنته الآية بالشهداء.

٢.الرأي الثاني: وهو للحنابلة في رواية عندهم، قالوا بجواز قضاء القاضي بعلمه مطلقا أي أيا كان محل الدعوى.

واستدلوا بأدلة كثيرة منها قوله تعالى: “وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ” الإسراء: 36

دلت الآية بمنطوقها على عدم جواز حكم الشخص بما ليس له به علم، ودلت بمفهومها على جواز حكم الشخص بما له فيه علم وذلك يصدق على القاضي.

٣. الرأي الثالث: يجوز للقاضي ان يقضي بعلمه فيما كان من حقوق للعباد ولا يجوز أن يحكم بعلمه فيما كان من حقوق لله عز وجل قال بهذا الرأي الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد في رواية أخرى عنه والشافعية في الأظهر عندهم والإمام أحمد في رواية عنه.

استدلوا بجواز قضاءه بعلمه فيما كان من حقوق للعباد بالأدلة التي استدل بها من رأى جواز حكمه بعلمه مطلقا ،واستدلوا على عدم جواز قضاءه بعلمه فيما كان من حقوق للعباد بأدلة كثيرة ومنها : قوله صلى الله غليه وسلم :(ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم )٠

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدرء الحدود عن المسلمين وإسقاطها ما وجدنا إلى ذلك سبيلا، لأن حقوق الله مبنية على المسامحة، والاحتياط يوجب عدم ثبوت الحد بعلم القاضي٠

الرأي الراجح

وأخيرًا، انتهى”لاشين” إلى الرأي الراجح، قائلا: أرى والله أعلم عدم جواز علم القاضي بعلمه سواء ما كان من الحقوق ما هو حق لآدمي او ما كان منها من حقوق لله لأن السلف الصالح من الصحابة والتابعين وهم أعلم الناس بمقاصد الشريعة ومراميها كانوا لا يرون جواز حكم القاضي بعلمه٠

زر الذهاب إلى الأعلى