fbpx
الرأي

محمد لملوم يكتب: للمجد أمجاد

إذا أردت أن تتحدث عن المجد تأدب ودع المجد للأمجاد..إذا أردت الحديث عن تلك القرية وأهلها قم واقفاً لأن بالمجد أمجاد،إذا راودتك نفسك السيئة بمخاطبة أهل المجد فقَوِمها وقاومها حتى ترتدع وتتخلق بأخلاق هؤلاء الأمجاد ..أمجاد المجد هم من علمونا منذ الصغر تجميل كل ما هو جميل وتقبيح كل ما هو قبيح، ما زلت أعيش وأسير فى كل درب وكل رقعة من أرض الوطن على ذكراهم النبيلة وصفاتهم المحمودة وسيرتهم العطرة التى تفوح فى كل مكان سواءً الأحياء منهم والأموات،فخور أننى من المجد وعاصرت عدد كبير منهم من الراحلين عليهم رحمة الله جميعاً،ومنهم من له فضل كبير علىَّ بعد الله فى مرحلة تأسيسى منذ نشأتى فى الصغر سواء فى حفظ كتاب الله أو فى مراحل التعليم الأولى،تلك الأسس التى وضعها هؤلاء ما زلت مرابط عليها وأفتخر بها لأننى تلقنتها على يد أمجاد كبار تعجز الكلمات عن وصفهم،فإذا أردت الحديث عن المجد فتحدث عن أمجادها وأطلب من الله المدد من أجل التخلق بأخلاقهم والسير على دربهم ونهج منهجهم.

دائماً ما أصول وأجول فى أرض الوطن الحبيب شرقاً وغرباً وفى محافظات وبلدان بعيدة، لأجد أسماء هؤلاء لامعة وناصعة البياض تتردد هنا وهناك ممن عاصروهم أو تعلموا منهم أو إستمعوا إليهم،أمجاد المجد أصحاب السيرة والسريرة الحسنة،حتى الراحلين منذ عقود مضت من أبناء بلدتى الأجلاء أمثال: سيدنا ومولانا الشيخ عبده سليم عليه رحمة الله،الذى كان يطوف مصر شرقاً وغرباً حاملاً كتاب الله متخلقاً بأخلاقه،عملاق فى عصر عمالقة دولة التلاوة فى عصرها الذهبى،زامل الكثير منهم على دكك التلاوة فى المحافل أمثال سيدنا الشيخ مصطفى إسماعيل وسيدنا الشيخ أبوالعنين شعيشع والشيخ راغب غلوش وغيرهم من العمالقة عليهم رحمة الله،وهذا ما أكده لى فضيلة الشيخ غلوش عليه رحمة الله فى لقاء بينى وبينه،ولا يبتغى من ذلك إلا رضوان الله،كان سيدنا مدرسة متنوعه فى كل شئ من مناخى الحياة العلمية والعملية،فكان مدرساً للقرآن الكريم وعلوم التجويد والقراءات بمعهد بنين وبنات المجد الإبتدائى الأزهرى القديم، وكان أول من يحضر إلى المعهد فى الصباح الباكر قبل العمال والمدرسن والطلاب،وكان منزله القديم أيضاً بمثابة مدرسة أخرى سواء للكتاب المفتوح طوال اليوم أو إسدال الفتوى والنصائح لكل من يذهب إليه طالباً ذلك سواء يعرفه أو لا يعرفه وينتهى يومه بالمحافل التى يدعى إليها،كان سيدنا عليه رحمة الله يتصف بالزهد والورع والقناعة والرضى،لم يطلب يوماً مليماً واحداً من أحد سواء فى كُتاب أو محفل،وعايشت ذلك بنفسى عندما كنت أحد طلابه فى المعهد والكتاب بمنزله،ظل سيدنا حاملاً كتاب الله ومحفظاً وتالياً له ومتخلقاً بأخلاقه حتى توفاه الله منذ قرابة عقدين من الزمان،وما زالت سيرته العطره تفوح كالمسك فى كل مكان .

سيدنا الشيخ عبده شمس والشيخ أحمد النداف والشيخ محمد الشيخ عليهم رحمة الله جميعاً،لا يختلف الأمر كثيراً عن سابقهم مولانا وسيدنا الشيخ عبده سليم،فهم ثالوث الكُتاب الكبير بمسجد العارف بالله سيدى عبد العزيز أبى المجد،والذى كان يبدأ عقب صلاة الفجر وينتهى مع إنتهاء اليوم بصلاة العشاء،فكان الأول والثانى من قراء المحافل والأمسيات داخل محافظة البحيرة وخارجها،والثالث كان إمام وخطيب المسجد،لذلك كان الكتاب كبير جداً ومستمر بإنتظام دون إنقطاع بصفة يومية طوال أيام الأسبوع ما عدا يوم الجمعة،ويتوافد عليه الكثير من براعم القرية وخارجها،وكأن هذا الثالوث كان مرتبطاً متماسكاً بعضهم البعض مثل إرتباط الروح بالجسد،ورغم رحيلهم منذ عقود ما زالت أسماؤهم ناصعة لامعة تتردد فى كل مكان عندما يذكر إسم المجد تجد أسماؤهم مقترنة بإسم القرية،وكأن المجد أصبح مجداً للأمجاد فقط.

سيدنا الشيخ أحمد مزيد عليه رحمة الله،عالم التجويد والقراءات أيضاً بالمعهد الدينى والقارئ العملاق صاحب الصوت الرصين،كان بيته مدرسة لعلوم القرآن والقراءات والتجويد،صال وجال أكثر بلدان الجمهورية متربعاً على دكة التلاوة بين عمالقة دولة التلاوة فى عصرها الذهبى وإحياء الأمسيات وليالى شهر رمضان،والذى رحل أيضاً منذ قرابة ثلاثة عقود،وما زالت سيرته العطرة ناصعة البياض فى كل مكان وزمان.

أما فى عصرنا الحالى نعايش مجداً كبيراً يجمع بين كل الأمجاد السابقة، فلو ذكر إسم المجد فى محفل علمى كبير أو مع أحد أصحاب العلم الكبار تجده يقول لك بلد العالم الجليل الأستاذ الدكتور حلمى القاعود..عالم اللغة والأديب والناقد والروائى الكبير داخل مصر وخارجها،ويعد مرجع مهم للعلماء وطلاب الماجستير والدكتوراه داخل مصر وخارجها،سافر إلى العديد من دول العالم وخاصة العالم الإسلامى،وشارك فى العديد من المحافل العلمية والعالمية وحصل على تكريمات وأوسمة عديدة،وناقش وأشرف على مئات الرسائل العلمية ماجستير ودكتوراه،وألف العديد من الكتب والروايات العلمية،فإذا أردت الحديث عن القاعود فأنت تتحدث عن جامعة كاملة ونجم يضئ فى كل أرجاء الدنيا.

وهنا أتذكر جمله ما زالت عالقة فى ذهنى قالها لى الدكتور فرج الله الشاذلى عالم القراءات عليه رحمة الله”أنت من بلد صاحب الكرامات سيدى أبى المجد..بلد العلم والعلماء..بلد أسيادنا الكبار سيدنا الشيخ عبده سليم عليه رحمة الله،وأستاذنا وعالمنا الجليل الدكتور حلمى القاعود أطال الله فى عمره”

هؤلاء هم أمجاد المجد الحقيقى الذى أعرفه ونشأت فيه وأنتمى إليه وأفخر به وأتحدث عنه،هم مدارس الأخلاق الحميدة وأصحاب الحكمة والعلم والموعظة،لا المجد الذى تتحدثون عنه وتسيئون إليه بقصد أو بدون قصد.

إذا أردتم الحديث عن المجد فحدثونا عن الأمجاد لا عن المساوئ والموبقات وإنتهاك الأعراض والوشاية التى قد تتسبب فى ظلم أو خراب أو قهر رجال ونساء.

إذا أردتم الحلول ومعالجة ظاهرة ما أياً كانت تلك الظاهرة،تخلقوا بأخلاق هؤلاء الأمجاد وجردوا نفوسكم من الهوى،وعليكم بالبحث والتنقيب عن أسباب ودوافع تلك الظاهرة،وإذا توصلتم للأسباب والدوافع لا تتوقفوا عندها،وعليكم بالمعالجة وتقويم الخلل وإصلاحه، وطرق الوقاية والعلاج تكون بالنصح والإرشاد والتوجيه باللين والمساعدة ومد يد العون إذ تطلب الأمر،بل وعليكم بالمتابعة حتى يستقيم الإعوجاج ،لا بالعنف والتهديد والتخويف والوعد والوعيد والمظاهر الزائفة تستقيم الأمور وتبلغوا مقاصدكم.

وختاماً أذكركم وأذكر نفسى بقوله تعالى ” أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ”
صدق الله العظيم

زر الذهاب إلى الأعلى