الرأي

محيي النواوي يكتب:الخطاب الثقافي.. غياب القوة الناعمة في مواجهة التطرف.

– بات مجتمعنا اليوم يواجه إنحدارًا أخلاقيًا وسلوكيًا.. علميًا وعمليًا.. إذاً في قولة واحدة أصبحنا نواجه إنحدارًا ثقافيًا، وباتت الثقافة تشبه المياه الضحلة التي أعياها الركود.. أصيبت الثقافة بمنحي الهبوط.. وتمكن الجهل واللاعلم من أن يعتلي منحني الصعود.. وصعد نجم التطرف في اللازمن.. وبات هو المسيطر على المشهد وعلي نظريات التفسير.
اعتلي منبر الخطاب الثقافي الجهلاء الذين أطلقوا على أنفسهم النخبة والمثقفين.. تاهت معالم الثقافة علي أيديهم.. وسط تزاحم وتضارب لنظريات جميعها أعتراها الخطأ.. بينما كان علي الجانب الآخر يصنع التطرف منهج الجهل.. والدم والقتل.. وأصبح المتلقون في شتات بين هذا وذاك.
في تلك الفترة غاب دور القوة الناعمة ودور النخبة والمثقفين الحقيقيين.. أصبحت القوة الناعمة ممثلة في صناعة سينما ” البلطجي.. وتاجر المخدرات.. والسيدة العاهرة..” ولم تعمل علي تقديم شئ يدعوا لمواجهة الجهل.. أو مواجهة التطرف.. أمتلئت صالات العرض بالسفه.. بينما ثمه عقول بعض الشباب تمتلئ بأفكار مسممة!
– إن دور القوة الناعمة لا يفرق عن دور القوة الصلبة.. بل يفوقها بكثير.. القوة الناعمة تخاطب الوجدان قبل العقل.. اللغة التي يفهمها الجميع هي لغة الفن الذي هو جزء من تلك القوة.. إنني عندما أقوم بمشاهدة فيلمًا سينمائيًا عن شخصية وطنية عملت علي حماية الوطن سوف أتأثر بها.. إنني عندما أشاهد مسلسلًا عن قصة حياة شخصية دينية كانت تتبع المنهج الوسطي الذي يدعو للمعاني السمحة سوف أتاثر بها.. والعكس صحيح تمامًا.
– إن المرء لتأخذه الدهشة عندما يري أن خلال ال (٧) سنوات الماضية معظم الأفلام السينمائية بطلها هو ” البلطجي.. وتاجر المخدرات.. والسيدة العاهرة”.. دون أن تقوم بعمل سينمائي يعمل علي مواجهة ما يصنعه المتطرفون.. إذًا ثمه أزمة حقيقية للأسف نحن من قمنا بصناعتها بأنفسنا.. ونعاني منها.
– إننا بحاجة إلي تجديد الخطاب الثقافي.. مثل تجديد الخطاب الديني.
لابد وأن تعود الثقافة مرة أخرى.. لابد وأن نسترد أنفسنا مرة أخرى.. حان الوقت لكي نحرر الثقافة من هؤلاء الذين أطلقوا علي أنفسهم النخبة المثقفة.. وهم في الواقع النخبة القاحلة.. التي ساعدت دون وعي التأكيد علي ما كان يروج له الفكر المتطرف.
لابد من إتحاد النخبة المثقفة مع النخبة الإعلامية مع النخبة السياسية والاقتصادية والرياضية والدينية.. في صياغة منهج وخطاب ثقافي يخاطب الجميع.. كلًا في تخصصه.
“الخطاب الثقافي” هو الحل.

زر الذهاب إلى الأعلى