fbpx
أهم الأخبارتقارير وملفات

مصر والأوضاع في السودان وليبيا: تحديات ومكاسب بطول ٢٤٠٠كم

تقرير – محمد عيد:

تمتلك مصر نحو ٢٤٠٠ كيلومتر من الحدود المشتركة مع كل من ليبيا والسودان، معظمها مناطق صحراوية تحتاج إلى جهود مضاعفة لضبطها ومراقبتها. وقد كانت تلك الحدود مصدرا لقلق السلطات المصرية على مدى السنوات الماضية، لكن يبدو أن أسبابا جديدة للقلق تضاف مع اشتعال الساحتين السودانية والليبية بالمزيد من التطورات التي تبدو مليئة بالتحديات، لكنها أيضا لا تخلو من مكاسب.

أول التحديات التي يفرضها تطور الأحداث في السودان وليبيا يبدو أمنيا بامتياز، فمصر لا تحتاج إلى دول فاشلة على حدودها، فما بالك إذا كانت غالبية حدودها شرقا وغربا وجنوبا مصدرا للخطر، لا سيما وأن تلك الحدود كانت لفترة طويلة مصدرا لتدفق السلاح إلى الداخل المصري، وبجهود مضاعفة من القوات المسلحة تم قطع العديد من خطوط إمداد الجماعات الإرهابية في الداخل عبر تلك الدروب الحدودية.

ويرتبط ذلك التحدي الأمني أيضا بتحدٍ آخر متعدد الأبعاد الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، وهو إمكانية زيادة معدلات تدفق اللاجئين إلى الأراضي المصرية، إذا ما انزلقت الأمور – لا قدر الله- إلى حافة الخطر، في وقت شهدت فيه البلاد منذ العام ٢٠١١ تدفقا مضطردا للاجئين وصل أقصاه في عام ٢٠١٧.

وبلغت الأرقام الرسمية المعلنة من جانب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في مصر، ما يقارب ٣٠٠ ألف لاجئ، فيما بلغ أحدث رقم لعدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية في مصر ٢٤٢ ألف لاجئ، وذلك بحسب آخر إحصائية أجريت في نوفمبر ٢٠١٨، لكن ذلك لا يقارن بعدد اللاجئين الفعلي، ومعظمهم غير مسجل رسميا لدى المفوضية، حيث يتجاوز إجمالي هؤلاء اللاجئين عدة ملايين ينتمون إلى 63 جنسية، وقدرهم الرئيس عبد الفتاح السيسي في وقت سابق بنحو خمسة ملايين لاجئ يعيشون داخل المدن المصرية ويعملون بها، بعدما أصرت الدولة على عدم اعتماد أسلوب معسكرات اللاجئين في التعامل مع الوافدين إلى أراضيها من دول النزاعات والحروب الأهلية.

التحدي الاقتصادي يأتي أيضا في صدارة الشواغل المصرية إزاء تطور الأحداث في السودان وليبيا، فحجم التجارة بين مصر والسودان يبلغ شهريًا نحو ١٥٠ ألف طن من البضائع، لكن القلق الأكبر ربما يرتبط بالاستثمارات المصرية في السودان والتي تشير تقديرات غير رسمية إلى تجاوزها ما يقدر بنحو ١٤ مليار جنيه من جانب مجموعة من رجال الأعمال المصريين، وبخاصة في مجال التصنيع والخدمات، لكن الأرقام تبدو أكبر مع ليبيا فحجم التبادل التجاري يقترب من المليار دولار سنويا، وهو في مجمله لصالح المنتجات المصرية.

رغم كل تلك التحديات، فإن الأمر لا يخلو من مكاسب مصرية محتملة، فنظام حكم البشير كان خلال السنوات الأخيرة خنجرا في ظهر القاهرة، لا سيما في ملف سد النهضة، كما وفرت الخرطوم تحت حكم البشير ملاذا لبعض قيادات جماعة “الإخوان” لا سيما عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وربما يمثل صعود نظام جديد للحكم أكثر تفهما للأولويات المصرية تحولا إيجابيا.

وفي ليبيا، وإذا ما نجح الجيش الوطني الليبي في حسم الأمور لصالحه، فإن الأمر سيكون مكسبا كبيرا للقاهرة الداعمة لوحدة التراب الليبي وتعزيز الدولة الوطنية في مواجهة حكم الميلشيات، وهو ما سينعكس بالضرورة على تمتع مصر بمكانة بارزة في مرحلة إعادة بناء الدولة الليبية، ليس على المستوى السياسي فحسب، ولكن على المستوى الاقتصادي أيضا، وبخاصة في مجال إعادة الإعمار، التي يمكن أن تكون رافدا مهما لإنعاش الاقتصاد المصري، سواء على مستوى الأفراد أو الشركات.

زر الذهاب إلى الأعلى