fbpx
الرأي

نظرة نصف عنصرية

بقلم
محيي النواوي

إن التاريخ سند ملكية حضارة الشعوب.. وحضارتنا أرقي وأسمي وأعظم حضارة شهدها تاريخ البشرية.
ويجب أن نكون متفقين على أن تتطور التاريخ وإختلاف موازين القوي قد جعل شعوبًا باتت فى سقف العالم بعد أن كانت فى قاع العالم..
إنني أتحدث بعيدًا عن “نظرية المؤامرة” سواء فى مساهمتها فى تقدم شعوب أو تأخر شعوب.. ولكن الحديث هنا عن إين كنا وإلي أين أصبحنا؟..
والإجابة على هذا السؤال -فئ تقديري- تستحق أولًا معرفة من نحن؟..
والإجابة هنا: نحن عظماء.. وأعظم من غيرنا بكثير وكل ما نحتاج له هو تشكيل “نظرة نصف عنصرية” تقوم على أننا أفضل وأرقي من غيرنا.
وعلينا أن نعلم أن أزمتنا الحالية سنتخطاها بتشكل تلك النظرة.. فالننظر إلى “ألمانيا” ما بعد الحرب العالمية الأولى.. كل ما نحتاج له هو “نظرة نصف عنصرية، والأنا” لقد أنتهت ألمانيا تقريبًا بعد الحرب العالمية الأولى.. ثم أنتهت تمامًا بعد الحرب العالمية الثانية.. و “بالأنا” الحضارية تجاوزت ألمانيا هزائم يستحيل تجاوزها.
وهناك نموذجًا آخر يشبه تجسيد أهوال يوم القيامة على الأرض وهو النموذج “الياباني” فقد كان من نصيب اليابان تجربة مؤلمة لا سابق لها من الفزع من بدء الخليقة وحتى الآن حين تم قصف “هيروشيما” و “نجازاكي” بقنبلتين ذريتين.. ثم تجاوزت “اليابان” تلك الكارثة ومضت من جديد وها هي الآن فى مكان مميز فى سقف العالم.
فالننظر إلى “إسبانيا” التي كان شعبها يقطعون مضيق “جبل طارق” إلى مدينة “طنجة” المغربية مبهورين بإزدهار وتحضر “المغرب”.. ثم مضت سنوات قليلة أنتقلت فيها “إسبانيا” من حالٍ إلى حال.. وبات الشباب المغربي يتساقط غرقًا فى المضيق بسبب محاولات الهجرة إليها.. فقد تحولت “إسبانيا” من دولة طاردة يسيطر عليها التخلف إلى دولة جاذبة يسيطر عليها التقدم.
وهناك أمثال كثيرة مثل “الصين” التي عانت كل أشكال التخلف.. وعانت هزائم عسكرية وإحتلالًا “يابانيًا” لجنوب “الصين”.. وبعدهاوواجهت نوبات من الثورة والفوضي.. فإين “الصين” الآن؟.. بات دولة كبيرة للغاية من الثلاثة الكبار إقتصاديًا!
إن دولة مثل “بولندا” التي جري إحتلالها بالكامل فى عشر ساعات.. ثم خاضت تجربة حكم شيوعي ونفوذ سوفيتي.. ثم إذًا هي الآن تمثل تجربة نجاح باهرة.
إن نموذجًا مثل “روسيا” فى حكم “يلتسين” كانت نموذجًا كاملًا للفشل لا أمن ولا طعام.. لا علم ولا تعليم.. لا قوة ولا كرامة.. لا دلولة.
فقد عمل علماء الذرة فيها فى معامل العالم بقوت يومهم.. وتحولت مليون سيدة روسية إلى موجة من الجواري.. وأصبحت الحركة فى شرارع موسكو مخاطرة ومغامرة.. ثم إذًا هى روسيا تستعيد قوتها الكاملة عسكريًا وإقتصاديًا وتعليميًا.. وتسترجع معالم التاريخ الإمبراطوري.
وهناك نماذج أخري تجاوزت كل الأزمات وباتت فى سقف العالم.
إننا اليوم نتجه نحو حجز مقعدًا فى سقف العالم مع تلك الدول.. فنحن ما بعد ثورة ٣٠ يونيو كنا نوجه أزمة حقيقية سواء من عدم أعتراف الكثير من دول العالم بتلك الثورة.. ومن ناحية أخري لا مكان لنا فى الإتحاد الإفريقي.. ومن ناحية ثالثة أمريكا لا تمدنا بالأسلحة.. ومن ناحية رابعة الوضع الإقتصاد صعب للغاية وإحتياطي نقدي فى هبوط.. ثم بفضل صمود هذا الشعب وبفضل سياسة الدول نتجاوز تلك الأزمة فها نحن علاقتنا بالعالم أكثر من رائعة.. ونقود القارة الأفريقية.. ونسلح جيشنا بأسلحة من أكثر من دولة بعد أن كان الإعتماد على السلاح الأمريكي فقط.. والإحتياط النقدي تجاوز الأزمة وبات فى مؤشر الآمان.. ونسير فى طريق البناء والتقدم لجلب الإستثمار.
علينا أن نشكل “نظرة نصف عنصرية” تجعلنا نشعر بأننا أرقي من غيرنا وأننا أفضل من غيرنا

زر الذهاب إلى الأعلى