24 سوق ناشئة عالميًا تُشعل حرب الاقتصاد الدولي

تقرير – محمد عيد:
لا يكاد يمر يوم إلا وتحدث تطورات على صعيد اقتصاديات الأسواق الناشئة التي تشهد تحديات ضخمة وأحداث متتالية تنتقل بشكل يشبه العدوى بين 24 سوق ناشئة على مستوى العالم، حيث تستحوذ تركيا والأرجنتين على النصيب الأكبر من الحديث في الفترة الحالية في ظل الأزمات العاصفة التي تحيط بوضعهما الاقتصادي وتدفع بنوكهما المركزية لرفع أسعار الفائدة لمستويات غير مسبوقة وهو ما يؤثر على الأسواق الأخرى ومن بينها مصر ويجعل استثمارات الأجانب في أدوات دين هذه الدول مهددة بشكل كبير.
وكان آخر هذه التطورات قيام البنك المركزي التركي برفع الفائدة على الليرة التركية 625 نقطة أساس دفعة واحدة لتصل إلى 24% نهاية الأسبوع الماضي، في محاولة لزيادة جاذبية الليرة التركية التي تشهد هبوطا دراميًا منذ بداية الأزمة بين أمريكا وتركيا، فخلال أغسطس فقط فقدت الليرة نحو 47% من قيمتها، وقبل هذه الخطوة من قبل البنك المركزي التركي رفعت الأرجنتين الفائدة إلى 60% مقابل 45% في محاولة لإنقاذ عملتها واقتصادها.
كل هذه التطورات تثير التساؤل عن موقف مصر من هذه التطورات خاصة بعدما أصبحت منفتحة بشكل أكبر على العالم بعد تعويم العملة المحلية وأضحت استثمارات الأجانب في أدوات الدين أحد روافد التمويل الأساسية للاقتصاد بعد رفع أسعار الفائدة لنحو 19% حتى مطلع العام الجاري، وانخفاض الجنيه أمام الدولار بنحو 100%.
جدير بالذكر أن تقارير البنك المركزي أشارت إلى انخفاض استثمارات الأجانب في أذون الخزانة منذ مارس الماضي وحتى نهاية يوليو بنحو 6.5 مليار دولار لتسجل 15.1 مليار دولار مقابل 21.5 مليارًا، وذلك يرجع سببه الأساسي إلى أزمة الأسواق الناشئة .
هاني فرحات، محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار سي آي كابيتال، أكد أن أي قرار اقتصادي يتم اتخاذه في دولة من الأسواق الناشئة يؤثر على الـ24 دولة، موضحًا أن خطوة البنك المركزي التركي محاولة إيجابية لاستعادة الثقة في الاقتصاد والعملة بعد فترة من تدخل الرئيس التركي في قرارات البنك المركزي هناك.
وأوضح أن هذا القرار رغم أهميته لن يؤثر على استثمارات الأجانب في السوق المصرية لأن المستثمر لا يأخذ قراره بناءا على تحرك فردي لكن الأمر يرجع إلى الثقة في الأسواق الناشئة بشكل عام، موضحًا أن استثمارات الأجانب تراجعت في مصر الفترة الماضية قبل قرار المركزي التركي بسبب انخفاض ثقة المستثمرين، وفقًا لتصريحاته لقناة دي إم سي.
وأكد أن مصر تتمتع باستقرار كبير عن تركيا وسبق في خطوات الإصلاح الاقتصادي وهو ما يمنحها ميزة نسبية، بينما في ذات الوقت شدد على أن مصر أمامها الكثير كي تفعله للحفاظ على جاذبية صادراتها في ظل انخفاض الليرة التركيا وعملات الأسواق الناشئة الأخرى الذي يجعل صادراتهم منافس قوي للصادرات المصرية التي زاد الطلب عليها في الفترة الأخيرة .
ويرى فرحات أن مصر في مرحلة تسويق لما وصلنا إليه من إصلاح اقتصادي ولدينا مميزات قوية من الناحية التشريعية والتنظيمية عن السوق التركي يجب أن نستخدمها بشكل كبير في دعم صورتنا أمام مستثمري العالم والمستوردين لنحافظ على مكتسبات المرحلة الماضية .
رضوى سويفي، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، قالت إنه من المستبعد أن تتأثر مصر بزيادة أسعار الفائدة التركية لأنه لا يمكن قياس الأمر بنسبة العائد فقط، والمستثمرون ينظرون إلى صورة كلية تتضمن معدل المخاطرة والتصنيف الائتماني والاستقرار السياسي وسعر الصرف وتكلفة التأمين على الديون وهو ما تتفوق فيه مصر.
وقالت رضوى إن زيادة الفائدة في تركيا يستهدف المحافظة على نسبة العائد إلى المخاطرة مع ارتفاع المخاطر هناك خلال الفترة الماضية، بينما نسبة المخاطرة في مصر ثابتة وبالتالي العائد أيضا، وبالتالي مصر لن تتأثر سلبا بهذه الزيادة.
وأيد تامر صادق، نائب مدير عام قطاع الخزانة بأحد البنوك، الطرح السابق، مضيفًا أن المستثمر يقيم الأمور في الدولة من حيث درجة المخاطرة وإجراءات دخول وخروج السوق في أي دولة، لافتًا إلى أن تركيا تعاني من عدم استقرار سياسي وارتفاع المخاطرة خاصة في ظل الخلافات الاقتصادية مع الولايات المتحدة التي تجعلها عرضة لأزمات جديدة في أي لحظة، وهزات محتملة في سعر العملة .
يشار إلى أن البنك المركزي المصري سيناقش مصير أسعار الفائدة في مصر 27 سبتمبر الجاري في ظل هذه التطورات على الصعيد العالمي بجانب زيادة معدلات التضخم على المستوى المحلي، وفي هذا السياق أوضح مصدر مصرفي لـ”نشرة دلتا” إن معدلات العائد الحالية مناسبة للسيطرة على التضخم محليًا ومواجهة تحركات الأسواق الناشئة الأخرى في ظل معدلات المخاطرة المقبولة على المستوى المحلي، كما أن استقرار العائد سيفرض على البنك المركزي عدم تحريك الفائدة لأعلى وبالتالي فمن المتوقع أن يلجأ البنك المركزي لتثبيت الفائدة عند مستويات 16.75% للإيداع و17.75% للإقراض.