بائعة المناديل تفوز فى ماراثون نظمته مؤسسة مجدي يعقوب وتتمنى أن تصبح طبيبة
صورها حافية القدمين منتصرة وإن في سباق خيري، كسرت الفقر الذي أتعب سنواتها العشر، وانتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل في مصر، منذ يوم الخميس، على الرغم من أن الماراثون أقيم يوم الجمعة الماضي.
وكأن بضحكتها بعد ربحها، وبصورها التي التقطت في تلك اللحظة تقول: “أخيراً، ولأول مرة، ينتصر (الفقر) على قهر السنين”.
فقصة الطفلة “مروى” بائعة المناديل في محطة أسوان، التي ذهبت بعيد صلاة الجمعة (الأسبوع الماضي) لتشاهد من بعيد ماراثون للأطفال، نظمته مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض القلب، قبل أن تطلب ابنة الصف الخامس الابتدائي، من اللجنة المنظمة السماح لها بالمشاركة في هذا الماراثون، سحرت رواد مواقع التواصل في مصر.
وبعد موافقة اللجنة على أن تشارك ابنة صعيد مصر في السباق، كنوع من الدعم النفسي لها، على الرغم من أنها لم تملك ملابس رياضية أو حتى حذاء رياضيا يساعدها على الركض على عكس باقي أقرانها المشاركين، إلا أن القيمين على الماراثون وافقوا، فاشتركت “بائعة المناديل”.
اشتركت دون ملابس رياضية، ولا حذاء حتى، وركضت كما اعتادت أن تركض وراء الزبائن في الطرقات لبيعهم المناديل، ركضت بعزم الفقير في شوارع الشقاء، وانتصرت!
وقد دفعت قصة مروى التي ظهرت وهي ترتدي “إسدالا” و”شالا”، مستخدمي عالم التواصل الاجتماعي، للطلب من وزارة الشباب والرياضة ورجال الأعمال تبني تلك الفتاة لعلها تصبح مشروع بطل أولمبي قادم في ألعاب القوى.
بائعة المناديل الطفلة مروة في بيتها المتهالك
من داخل منزل بسيط ومتواضع بمنطقة خور المحمودية بأسوان جنوب #مصر، تحدثت مروة حسن، الطفلة التي هزت مشاعر المصريين بعد فوزها بماراثون جري نظمه مركز مجدي يعقوب لدعم السياحة بالمحافظة، الأسبوع الماضي.
مروة روت ما حدث خلال مشاركتها في السباق، ورغم أن التفاصيل مؤلمة إلا أنها كشفت عن إرادة طفلة مصرية هزمت الفقر وتحدته، وصنعت لنفسها لحظات سعادة لا تقدر بمال.
وقالت مروة في تصريحات لـ”العربية.نت” إنها استيقظت من نومها يوم الجمعة الماضي مبكرا لتبيع المناديل أمام حديقة درة النيل بأسوان، حيث تساعد والدها وأشقاءها في مواجهة نفقات الحياة بعد وفاة والدتها، وعندما حان وقت الصلاة دخلت المسجد وأدت صلاتها، وعقب خروجها وجدت تجمعا لعدد كبير من الأطفال أمام الحديقة.
وأضافت أنها سألت موظف الأمن عن سبب هذا التجمع فقال لها إنه ماراثون للجري، مشيرة وبلهجة بريئة إلى أنها سألته عن معنى ماراثون، فقال لها إنه مسابقة للجري بين الأطفال.
إصرار مروى على الفوز فى سباق المارثون
وتابعت الطفلة السمراء قائلة “قلت لموظف الأمن أريد أن أرمح (أجري) مع هؤلاء الأطفال، فأنا أحب الرمح، وسأفوز عليهم جميعا”، وتعاطف معي وقدمني للمسؤولين عن المسابقة، ووافقوا على مشاركتي، ولم يطلبوا مني أي نقود أو أوراق”.
إلى ذلك، قالت إنها شاهدت الأطفال يرتدون أحذية وملابس رياضية، ويستعدون بقوة للسباق وهي لا تملك ذلك، مضيفة أنها ارتدت الإسدال الخاص بها، وخلعت نعلها، لأنه سيعوقها خلال الجري، وفور انطلاق صافرة البداية رمحت كالسهم”.
كما كشفت مروة عن موقف مؤثر حدث لها خلال السباق، وهو أنها كانت قبل انطلاق المسابقة جائعة، حيث خرجت من منزلها في الصباح الباكر، وظلت في الشارع حتى موعد السباق، وخلال الجري شعرت بالتعب والإعياء لأنها كانت جائعة، لكنها تماسكت وقاومت حتى تفوز وتحقق وعدها لموظف الأمن والمسؤولين الذين سمحوا لها بالمشاركة.
وقالت إنها ظلت جائعة حتى انتهاء المسابقة وإعلان فوزها، ولم تتناول أي طعام إلا بعد العودة لمنزلها، مضيفة أنها تشكر كل المسؤولين عن السباق الذين شجعوها وتعاملوا معها بإنسانية.
وأوضحت أن المسؤولين أهدوها ميدالية ومضربا ورحلة نيلية في اليوم التالي.
أحلام مروى
أما عن أحلامها، فأشارت الصغيرة إلى أنها تحلم أن تصبح طبيبة وتعالج الفقراء مجانا، وتتمنى أن تخفف الأعباء عن كاهل والدها الذي يعاني من أمراض كثيرة، ويعمل بقدر طاقته وجهده لينفق عليهم.
من جهته، قال والد مروة، حسن سالم، إنه كان يعمل مراكبي في النيل أثناء ازدهار السياحة، لكن بعد ثورة يناير وتوقف النشاط السياحي أصبح يعمل كسائق توكتوك وفي أعمال البناء والمعمار للإنفاق على أسرته المكونة من 5 أطفال، مؤكدا أن مروة تساعده في مواجهة أعباء الحياة، وتشعر بمعاناته وتخفف عنه كثيرا.
وأضاف أن ابنته الصغيرة حرمت من الاستمتاع بطفولتها، وهو ما يحزنه كأب، لكن الله عوضها بإرادة فولاذية وعزيمة وإصرار على تحقيق أهدافها، لذا يحبها الجيران وأهل الخير، ويساعدونها ماليا، ويمنحونها راتبا شهريا كمساعدة لها، لكنها تمنحها له للإنفاق على المنزل.
كما أكد أن أقصى ما يحلم به أن يطيل الله في عمره حتى يكبر أولاده ويصبحوا قادرين على تحمل مسؤولية حياتهم، مضيفا أن ما يطمئنه عليهم ولو قليلا أن شقيقتهم مروة تتحمل مسؤوليتهم رغم عمرها الصغير، وتقوم بدور الأب والأم لهم بكل حب وحنان ومسؤولية، وهو ما قد يعوض غيابه لو حدث له أي مكروه.