الدكتور علي سعيد الكعبي يستعرض تجربة تعليم الوعي النقدي بمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة
كتبت هاجر سلامة
استعرض الدكتور علي سعيد الكعبي ورقة عمل حول “تعليم الوعي النقدي” وذلك ضمن أعمال اليوم الأول لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بحضور ولي العهد محمد بن حمد بن محمد الشرقي في دورته الرابعة والذي يقام بمقر بيت الفلسفة بالفجيرة،
واستهل الكعبي كلمته باستعراض تجربة صينية أثارت ضجة كبيرة بين أولياء الأمور والطلبة بدولة الصين .
وكانت التجربة عبارة عن طرح سؤال غير منطقي للطلاب اثناء تأدية الاختبارات وكان السؤال ” إذا كانت سفينة تحمل على ظهرها ٦٢ رأساً من الغنم و١٠ من الماعز فكم يبلغ عمر ربان السفينة ؟
يبدوا السؤال غير منطقي ولكنه يعكس بشكل غير مباشر قيمة التفكير النقدي .
من هنا أنطلق الكعبي لأهمية تعليم الوعي النقدي ، موضحاً خطورة غياب تعليم الوعي النقدي ، وأشار إلى معوقات تعليم الوعي النقدي التي تتمثل في التلقين والتقويم التقليدي ، بالإضافة لعدم تدريب المعلمين على ممارسة الاسلوب والتفكير النقدي مع الطلاب ، بالإضافة لما يفرضه المجتمع و أولياء الأمور لضرورة التمسك والامتثال للأفكار الرائدة .
وتناول الكعبي العديد من إستراتيجيات تعزيز تعليم الوعي النقدي من خلال تطوير أساليب التقييم التي تدعم التحليل و التفكير النقدي و إعادة النظر في اختيار وتدريب المعلمين ، بالإضافة لتعزيز الحوار و النقاش المفتوح في الفصول الدراسية ، محاولة دمج التفكير النقدي في المناهج الدراسية، خلق بيئة مدرسية داعمة للتفكير النقدي .
واختتم الكعبي محاضرته
بإن تعليم الوعي النقدي ليس مجرد مهارة إضافية تضاف الى المناهج الدراسية، بل هو ضرورة تمس جوهر التربية وأهدافها الكبرى. ففي عالم معقد ومتغير، يصبح التفكير النقدي مرشدًا أساسياً يُمكن الأجيال من التعامل بمرونة وذكاء مع ما يواجهونه من تحديات فكرية واجتماعية وأخلاقية. الوعي النقدي يمنح الفرد القدرة على فهم العالم بعمق واستقلالية، ويُمكنه من النظر إلى المواقف نظرة ناقدة
وواعية، مما يسمح له باتخاذ قرارات مدروسة مبنية على التحليل الدقيق والمنطق السليم، بدلاً من التقليد الأعمى أو التبعية الفكرية لمن يعتقد بانه يمتلك الحقيقة المطلقة.
يُشكل تعليم الوعي النقدي حماية للعقل من الانسياق خلف التلقين، ويعزز من استقلالية الفكر، ويمد الطلاب بالأدوات الفكرية اللازمة للتعاطي مع القضايا المجتمعية المعقدة بوعي أخلاقي وإدراك واع. إن تطوير مهارات التفكير النقدي في مؤسسات التعليم لا يسهم فقط في إعداد طلاب قادرين على التعامل مع المناهج الدراسية، بل يؤسس لثقافة مجتمعية تقدر البحث عن الحقيقة وتدعم الحوار وتستوعب التعددية الفكرية. وهذه الثقافة بدورها تهيئ أفرادا يتحلون بالقدرة على الإبداع والابتكار، مما يسهم في تعزيز تطور المجتمعات وازدهارها
إن إهمال تعليم الوعي النقدي يحمل في طياته خطورة بالغة، حيث يُسهم في تكوين أجيال سهلة التسيير في والانقياد لما ما قد يضر بحاضرها ومستقبلها، وتفتقر إلى الفهم العميق والاستقلال الفكري. إن أي مجتمع يفتقر أفراده إلى القدرة على النقد والتحليل هو مجتمع عرضة للتلاعب الفكري وضعف في مواجهة تحديات المستقبل. لذا، فإن دورنا كمعلمين وموجهين لا يقتصر على تلقين المعرفة، بل على تحفيز عقل الطالب نحو التفكير النقدي، مما يرسخ فيه القدرة على فهم الحقائق وتحليلها، ويصنع منه مواطنا مسؤولاً وواعيا يُساهم في رفعة وطنه وازدهاره.