أيمن غانم يكتب_ السادس من أكتوبر اليوم الذي فاجأت فيه الجيوش العربية إسرائيل
تحل اليوم، علينا الذكرى 51 عام على حرب أكتوبر المجيدة ، وهي الحرب التي إنتصرت فيها مصر والعرب على العدو الإسرائيلي الغاشم الذي إنتهك الأرض والعرض بدون شفقة أو رحمه ، وتعد حرب أكتوبر هي الحرب الرابعة بين الدول العربية وإسرائيل ،تلك الحرب التي لقنت الكيان الصهيوني درساً لن ينساه ، أن الجيش المصري لا يركع الإ لله عز وجل ، وان العرب أخوة مهما ابتعدوا مسافات بينهم .
ظهر خلال حرب أكتوبر المجيدة المعدن العربى الحقيقي الأصيل ومعني الترابط والأخوة التي لاتنتهي ، حيث وقف العرب علي قلب رجل واحد وظهرت خلال تلك الظروف قوتهم وتلاحمهم، فلم تكن حرب مصر وحدها بل كان الوطن العربي بالكامل في مواجهة الكيان الصهوينى الغاشم ، فقدموا أروع الأمثلة في الدعم المادي والعسكري خلال فترات الحرب .
قبل مشهد الحرب بشهور كنت العرب لا تتدخل كثيراً في الشئون المصرية خلال فترات الإستنزاف وذلك بسبب الدعم الغربي الرهيب للإحتلال بالمال والمعدات العسكرية وحتي بالقوي البشرية العسكرية ، الأمر الذي جعل مصر تتخذ قرار الحرب في سرية تامة والذي جعل القيادة المصرية تسعي بنفسها لإسترداد حقها المغتصب دون عون من أحد وجعل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لإن يقول ما أخذ بالقوة لا يٌسترد إلا بالقوة .
وعلى الرغم من إن الدول العربية في عام 1973 لم تعرف أن هناك حرب سوف ستقوم بين مصر والإحتلال ، لكن ما إندلعت الحرب حتى بدأت الدول العربية في تقديم الدعم والمساندة لمصر وسوريا فوراً دون خوف أو تردد حيث قدمت دولة الإمارات الشقيقة ، والمملكة العربية السعودية وليبيا والعراق والجزائر؛ بإعلان حظر على الصادرات النفطية إلى ودول الغرب وعلي رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية بسبب مساندتهم ودعمهم لإسرائيل، وكان ذلك القرار مهم للإنتصار فى حرب أكتوبر والنصر بفضل التلاحم العربي .
ما جعل الغرب يرد بقوة علي تلك الدول العربية الممتنعة عن تصدير النفط لهم حتي خرج الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات رحمه الله عليه وقال ““ليس المال أغلى من الدم العربي وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي إختلطت على أرض جبهة القتال في مصر وسوريا” وأكد دعمه لمصر ضد الإحتلال الإسرائيلي ولم يتغير موقفة تحت إي قوي تهديد ووضعت الإمارات الطوارئ القصوى في جميع أجهزتها المختلفة، وتهيأ جيش الإمارات للتحرك في أي وقت يطلب منه المشاركة الفعلية في القتال مع القوات المصرية والسورية،وفتحت الإمارات رسمياً مكاتب للتطوع في المعركة وتم تنظيم مكاتب للتبرع الشعبي ورصدت سيولة مالية للمعركة وقدره مائة مليون جنية إسترليني لمساندة مصروسوريا .
وفي موقف بطولي لن ينسي الشعب المصري مقولة الملك فيصل رحمة الله عليه ” إن ما نقدمه هو أقل القليل مما تقدمه مصر وسوريا من تقديم أرواح جنودها فى معارك الامه المصيرية، واننا قد تعودنا على عيش الخيام ونحن على استعداد الرجوع اليها مرة اخرى وحرق ابار البترول بايدينا والا تصل الى ايد اعدائنا ”
ولم تتوقف السعودية عن تقديم المساعدات لمصر وكانها جزء من تلك الحرب الدائرة ولم يهتز المملكة العربية السعودية لاي قرارات غربية ،حيث نسقت المملكة العربية السعودية مع دول الخليج فى حرب البترول بقطع المواد البترولية عن الدول المؤيدة لإسرائيل وخفضت سقف الإنتاج بشكل فوري وكان هذا عامل مؤثر على الدول الغربية وتقليل حجم المساعدات لإسرائيل خلال الحرب ، وكذلك قامت السعودية بإنشاء جسر جوى لإرسال حوالى 20000جندى إلى الجبهة المصرية للقتال .
الأشقاء في العراق أثبتوا معدنهم الأصيل حيث إشتبك الجيش العراقي مع العدو الصهيونى على الجبهتين المصرية السورية، وكانت نصف قوات الجيش العراقي تقريبا في أرض المعركة وأعطت العراق أوامر أن كافة الوحدات العسكرية لديها تحت أمر القيادة المصرية والسورية بالإضافة الى أربعة اسراب طائرات ميج 21 وسوخوي 7 .
وشاركت الكويت فى حرب 1967 وذلك بإرسالها للواء اليرموك للجبهة المصرية، وإستمر بعد النكسة فى حرب الإستنزاف على جبهتى سيناء وقناة السويس، وفى أثناء حرب أكتوبر 1973 شارك لواء اليرموك إضافة إلى القوات الجوية الكويتية وإرسال لواء الجهراء إلى جبهة الجولان فى سوريا، كما إستقبلت الأراضى الكويتية الطيارين المصريين لتدريبهم هناك.
وكانت ليبيا في المقدمة مع الدول الداعمة لمصر وسوريا حيث قدمت 110سيارات شحن و 8 عربات و8 مدافع ميدان ذاتية و47 ناقلة جنود و2عربة قيادة و240صاروخ “استريلا” و12 مدفعا عيار 23ملم و70طائرة ميج 21 و54 طائرة ميراج وطائرات عمودية مع قطع غيارها وذخيرة طائرات والآف الصواريخ ومعدات إستطلاع جوى وأجهزة ردار بحرية وأجهزة الكترونية وأكثر من 25ألف قنبلة دفعية.
الجيش الجزائرى نزل الي ارض المعركة ، ولم يكن الدعم التى قدمته الجزائر خلال الحرب عسكريا فقط بل بالمعدات الحربية كأسرب الطائرات ميج 17و21وسرب سوخوى 7 ولواء مدرع جزائرى والذي يحتوى على 3 فيالق دابات وفيلق مشاة ميكانيكية وفوج مدفعية ميدان وفوج مدفعية مضادة للطيران و7 كتائب للإسناد السريع، و أكثر من 2000 جندي وأكثر من 1000 ضابط، كذلك 96 دبابة و32 آلية مجنزرة و12 مدفع، وقام الرئيس الجزائرى هواري بومدين بوضع مبلغ مالي كبير جدا للإتحاد السوفيتى وقتها تحت تصرف الجيش المصري والسوري .
وأثناء الحرب أرسلت السودان لواء مشاة للجبهة المصرية وحاربت القوات السودانية إلى جانب القوات المصرية كقوة مشتركة، وتنقلت القوات السودانية بين خطوط الحرب حسب الأوامر التي تصدر من القيادات العليا المصرية والتي كانت تدير المعركة، وقد أسهمت بشكل كبير في حماية ثغرات مهمة لولا وجودها لتسربت منها القوات الإسرائيلية لأماكن حساسة .
ودول كثيرة قدمت دعماً وحتي من لم تقدم الدعم لو كانت تقوي علي تقديم الدعم لم تتأخر نهائياً ، تلك هي الروح الحقيقة للعرب وقت الشدائد ، يقفون علي قلب رجل واحد .
كل هذا يذكرنا أن النصر كان بفضل المجهود العربي الموحد بين الأشقاء العرب ، لا فرق بين مصر وسوريا وقطر والسعودية والإمارات والاردن والكويت ..و .. .. كلنا دم واحد عرق واحد لغة واحدة ، لابد أن يعيش الأجيال العربية علي أمل وحدة أمتها في ظل تلك النزاعات التي تحدث بسبب الكيان الصهيوني المحتل ، أمس كانت فلسطين واليوم غزة ولبنان وسوريا وغداً من سيكون ، لا يوجد ضمان لمستقبل العرب سوء وحدة أمتها العربية بالكامل ضد الكيان الصهيوني المحتل ، والتاريخ أصدق دليل وشاهد علي التكاتف والتلاحم العربي ، لابد لنا أن يعود تلك التلاحم مرة اخري للنتصر علي هذا الطغيان .