“القوة الناعمة المهملة.. إعادة ترميم ماسبيرو”
بقلم_محيى النواوي
إنه ثانى أقدم مبنى فى إفريقيا بعد مبنى الجزائر والثالث عربيًا بعد العراق وبعد الجزائر، وقبل لبنان.
إنه مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري “ماسبيرو” ويعود تسميته لهذا المسمى تيمنًا بعالم الآثار الفرنسي “جاسون ماسبيرو” والذى كان يتولى منصب رئيس هيئة الآثار المصرية.
إن ذلك المبنى الذى تم بناءه فى عام ١٩٦٠م. بقرار من الرئيس الراحل “جمال عبدالناصر” ليتزامن إفتتاحه مع العيد الثامن لثورة يوليو.
فهذا المبنى -الذى بلغت ميزانية بناءه ما يقرب من (١٠٨) ألف جنيه.. وتقع مساحته على مساحة (١٢) ألف متر مربع- يعد من أجمل المبانى فى القرن العشرين.. من روعة التصميم ورقى الموقع والمنظر المطل على نهر النيل.
كان “ماسبيرو” المنصة الإعلامية الأشهر، وبوصلة الإعلام العربي والإفريقي لكثير من الزمن وبالأدق طيلة فترة الرئيسان “عبدالناصر” و”السادات”.
فعلى إمتداد عهد الرئيس “مبارك” جرى تجريف “ماسبيرو” فقد فقدت مصر الريادة الإعلامية.. إختلت إتجاهات “البوصلة الإعلامية” التى كان يتخذها العالم العربى والشرق الأوسط مرشدًا له.
فقد كانت الفضائية المصرية أول ما شاهده العرب عبر الأقمار الصناعية.. فسرعان ما خفت ضوء تلك المحطة الفضائية.. وظهرت لنا قناة “الجزيرة” وبات العقل العربي يتجه نحو ما تقدمه “الجزيرة” من محتوي، ثم ظهرت قناة “العربية” الإخبارية لتسير على الطريق الذي تسير عليه “الجزيرة”.
والمذهل فى ذلك الأمر أن أبناء “ماسبيرو” هم من بنوا تلك القنوات الإخبارية الكبري بدايًا من “الجزيرة” ومرورًا “بالعربية” وصولًا ب”بى. بى. سى العربية” و “أبو ظبى الإخبارية”.
كيف لمن كانوا يمتلكون صناعة القرار طيلة حكم “مبارك” بأن يستغلوا أبناء “ماسبيرو” فى التطوير والتقدم؟..
بات العقل العربي يتلقى أخباره من الدوحة.. ولا يتلقى من القاهرة يالبؤس التاريخ.
لقد تدهورت صناعة الإعلام على يد رجال السلطة فى عهد “مبارك” فإنهم كانوا لا يمتلكون رؤية لمكانة الإعلام المصري ولا كفائة أبناءه.
فقد وصلت حجم الديون المتراكمة على “ماسبيرو” فى عهد “مبارك” إلى (١٣) مليار جنية.. على الرغم من أن مرتبات العاملين بالمبني متواضعة.. كما أن جودة الشاشة ليست بالجودة العالية.. إذن إين ذهبت هذه الأموال؟..
فهى لم تظهر الشاشة أو فى أوضاع العاملين!
فإذا كان المحتوي يهدف إلى رسالة مع الخسارة فيمكننا أن نتقبله.. ولكن لم يكن هناك رسالة فقد كان الشعار “لا رسالة.. وخسارة”
ولقد كانت صدمة بالنسبة لى للمرة الثانية حين علمت أن حجم الديون المتراكمة على “ماسبيرو” بات حوالي (٢١) مليار جنية!
وغالبيًا تلك الديون كانت بسبب العجز فى مرتبات الموظفين الذين يبلغ عددهم إلى (٥٠) ألف وقد تم تقليصهم ل (٣٥) ألف.. فإن ميزانية إتحاد الإذاعة والتليفزيون تذهب إلى مرتبات العاملين بها!
لقد تراجع ماسبيرو كثيرًا وبات أمامه مشوارًا طويلًا للحاق بهؤلاء الذين ظهروا من بعده. فقد تراجع المبنى والمعني.
وكلى أمل فى أن تعود الريادة له مرة أخرى فى عهد القيادة السياسية الحالية.. والوزير “أسامة هيكل”. فأتمنى أن يتم تشكيل مجلس أمناء من الشباب والإعلاميين والإذاعيين والصحفيين لوضع خطة للتطوير ومن ثما العودة بقوة للريادة مرة أخري.