حول سورة النجاح أو سورة الجودة” سورة العصر”
بقلم_الدكتور كمال عليوه
ذكرنا فيما سبق أن أسباب الخسارة والفشل تحيط باﻹنسان من كل جانب (إن اﻹنسان لفى خسر) .وأن عناصر النجاح والنجاة خمسة تبدأ بعنصر المعاصرة .
( المعاصرة )
تبدأ سورة العصر بقسم بالعصر… فما هو العصر..؟
العصر فى اللغة تدور معانيه حول :
1- الزمان أو أجزائه :
فتارة تعنى الزمان كلة وتارة تعنى جزءا منه كما نقول العصر الحجرى أو العصر الرومانى أو العصر الفاطمى. وأحيانا يقصد بها الليل والنهار ..فنقول (العصران ) ويقصد بها الليل والنهار لأنهما يدوران حول بعضهما وكأنهما يتعاصران (أى يعصر أحدهما اﻵخر . أو لأنهما يتواجدان فى نفس الوقت ونفس الزمان حيث أن جزءا من اﻷرض يكون مظلما واﻵخر يكون مضيئا فى نفس الوقت فالليل والنهار متعاصران من هذا الباب ) . وهما أيضا الغداة والعشى .(مختار الصحاح).
2-والعصر هو عملية العصر.
ﻹستخراج مكنونات الأشياء كعصر الفاكهة والنباتات المختلفة ﻹستخراج ما بها من عصائر ﻹستخدامها كغذاء أو كدواء .ولا يخفى على ذوى العقول أهمية عملية العصر فى حياة البشر. ولذلك أقسم الله بها .
3- والعصر علم على الصلاة المفروضة بعد زوال الشمس وقبل الغروب .وهى صلاة ذات شأن فى اﻹسلام (الصلاة الوسطى) على إختلاف بين العلماء .
وبالتأمل فى المعانى السابقة نجد اﻵتى :
#- اذا كان العصر هو الزمان فأفضل الزمان هو حاضرة لأنه هو المتاح اﻵن لأن الماضى فات ومات ولا يمكن أن يعود . والمستقبل أمل غير مضمون اﻹدراك.
وعليه يكون القسم بالزمان الحاضر لأهميته لنا .وفى هذا توجيه لنا باستغلال الحاضر ومواكبته (بمعنى أنك يجب أن تكون معاصرا ويكون عملك مطلوبا لعصره.فلا يعقل أن يفتح واحد مشروعا لتسويق اﻵلات الكاتبة فى زمان الحاسوب والطابعات.ومن هنا تأتى أهمية عنصر المعاصرة كأول ركن من أركان النجاح .
#- وإذا كان العصر بمعنى بذل كامل الجهد (أن تعصر نفسك بكامل الجهد فى تأدية مهامك اليومية ) فهذة إضافة جديدة لمعنى المعاصرة .أى المفاعلة والمجاهدة فى العمل .فيصر معنى المعاصرة هو المجاهدة فى العمل ، ( تعاصر فيه أى تجاهدفيه ).
#-واذا كان القسم بالعصر يقصد به صلاة العصر ففية إشارتان :
الأولى : هى إلى أهمية الصلاة عموما والعصرخصوصا. ولا يخفى على كل ذى عقل أهمية احياء الضمائر بالصلاة وخصوصا صلاة العصر وأذكارها (أذكار المساء) وانعكاساتها على الأداء المهنى من تركيز وإتقان .
واﻹشارة الثانية :هى أن فترة العمل ومدتة يجب أن تمتد حتى صلاة العصر وهذه الفتره تقارب ما اتفقت عليه أعراف البشر فى مدة العمل (من البكور وحتى صلاة العصر)
مما سبق نستنتج أن مفهوم المعاصرة من خلال سورة العصر وعلاقته بالنجاح فى الدنيا يشمل الأتى :
1- المعاصرة = أن يكون العمل مطلوبا لعصره .
2- المعاصرة = بذل الجهد وعصر النفس ﻹنتاج أفضل ما عندنا
3- المعاصرة = احياء الوازع الدينى واحياء ضمير العمال للوصول بالعمل الى أعلى جودة ممكنة.
4- المعاصرة = العمل لفترة كافية لزيادة اﻹنتاج (من البكرة وحتى صلاة العصر)
وأخيرا أقول هذا ما فهمته من ظلال القسم بالعصر فى سورة العصر، ولا أدعى ان هذا هو كل الفهم ولكن هذا ما
أظهره الله تعالى لى ،وفى نفس الوقت أؤمن أن هذا القرآن لا يخلق (لا تنتهى معانيه) من كثرة الرد وأنه تتجدد
معانيه مع تجدد الزمان ، وفوق كل ذى علم عليم ..والى اللقاء مع الركن الثانى من أركان قواعد النجاح كما ورد فى سورة العصر فى البث القادم إن شاء الله تعالى.