fbpx
الرأي

يوم اليتيم .. فكرة مصرية انطلقت إلى العالمية

بقلم : ياسر بدرى
يحتفل العالم العربي فى أول جمعة من شهر إبريل بيوم الطفل اليتيم، ذلك اليوم الذي يحاول الجميع أن يسعد هؤلاء الأطفال و أن يدخل عليهم البهجة و السرور ليحظى برضا الله عز وجل من خلال رعايتهم و الاهتمام بهم فى شتى المجالات، و لكن يتساءل البعض من هو اليتيم و متى بدأ تحديد يوم للاحتفال به، و في السطور القليلة القادمة سوف نجيب عن كل هذه الأسئلة المتعلقة بالاحتفال بيوم الطفل اليتيم.
من هو الطفل اليتيم ؟
بداية يتساءل البعض من الذي يُطلق عليه لفظ اليتيم و الإجابة هنا من الشريعة الإسلامية و هي أن اليتيم هو كل طفل ذكرا كان أو أنثى و لم يبلغ الحُلم أى لم يبلغ ما يسمى بمرحلة المراهقة و التى يبلغ فيها الطفل حوالي 13 عام قد تزيد أو تنقص،و فى حالة بلوغه الحُلم انتفت صفة اليتم عن الطفل امتثالا لقول الرسول عليه الصلاة و السلام “لا يُتم بعد احتلام” رواه أبوداود، وصححه الألباني .. ولاننسى أن خير الخلق أجمعين نبينا محمد صل الله عليه وسلم ولد يتيما .
الشريعة الإسلامية و كفالة اليتيم ؟
وقد حثت الشريعة الإسلامية فى ما يقرب من ثلاثة وعشرون آية على حُسن معاملة الطفل اليتيم واكرامه ورعاية شئونه ومصالحه والحفاظ على أمواله، ومن هذه الآيات على سبيل المثال قول الله عز وجل:”وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً”، وقوله تعالى أيضًا: “فأمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَر”، وقوله جل شأنه: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا”. وغيرها من الآيات الكريمات التى تؤكد على عظمة الأجر والمكانة لكافل اليتيم، ومن يُحسِن التعامل معه ويعوّضه عن فقدان أبيه.
كما جعلت الشريعة الإسلامية التعدي على أموال الأيتام جريمةً تستوجب العقاب الشديد في الدنيا والآخرة، مصداقًا لقول المولى عز وجل: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا”.
كما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام، تعهّد لكافل اليتيم بمجاورته في الجنة، (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا . وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى ، وفرَّجَ بينَهما شيئًا).[صحيح البخاري] والمقصود بالكفالة هي الرعاية وحُسن التعامل ومراعاة الشعور مع محاولة الاهتمام باليتيم ماديّا ونفسيا وصحيًّا.
وقال ايضا الرسول عليه الصلاة والسلام “أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا”.
إنطلاقة فكرة الاحتفال بيوم لليتيم :
ومن هذا المنطلق لاحت فكرة الاحتفال بيوم الطفل اليتيم هذه الفكرة التي بدأت فى عام 2003 باقتراح من أحد المتطوعين بجمعية “الأورمان”، والتي تعد أكبر الجمعيات العاملة في مجال رعاية الأيتام في مصر، بأن تنظم الجمعية حفلًا كبيرًا لعدد من الأطفال الأيتام التابعين لها أو لمؤسسات أخرى للترفيه عنهم.
حيث كان الهدف الرئيسى ليوم اليتيم هو التركيز على احتياجات اليتيم العاطفية، ولفت انتباه العالم له ولما يريد، ولاقت فكرة تخصيص يوماً لليتيم، الدعم من الشخصيات العامة، ووزارة التضامن الاجتماعى.
وفي عام 2006 حصلت جمعية الأورمان على قرار رسمي بإقامة يوم عربي لليتيم من مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب في دورته الـ26، وبذلك تقرر تخصيص يوم له في الدول العربية والاحتفال به، وانتقلت الفكرة من النطاق المصري إلى العربي والعالمي، فأصبحت أول جمعة من شهر أبريل، يومًا مخصصًا للاحتفال بالأطفال اليتامى في كل أنحاء العالم.
وفي عام 2010، دخلت جمعية الأورمان موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية، عندما تجمع حوالي 5 آلاف طفلا يتيما رافعين الأعلام المصرية لجذب الانتباه إليهم، والتفات إلى احتياجاتهم في منطقة سفح الهرم بمحافظة الجيزة في منظر مهيب نال تقديم العالم.
وبمرور الوقت زادت أعداد الأيتام المشاركين في احتفالية الأورمان بيوم اليتيم بشكل ملحوظ، وتحول الأمر إلى احتفال سنوي على مستوى كافة الهيئات والمؤسسات، وهو ما كان أمله القائمون على الفكرة منذ بداية طرحها، فكان الهدف الرئيسي ليوم اليتيم هو التركيز على احتياجات اليتيم العاطفية، ولفت انتباه العالم له ولنا يريد، ولاقت الفكرة دعمًا من الدولة والشخصيات العامة.
أهداف الاحتفال باليتيم :
ويتلخص الهدف من الاحتفال بيوم اليتيم فى عدة نقاط هامة منها على سبيل المثال:
التقرب إلى الله عز وجل من خلال رعاية الطفل اليتيم.
توجيه الاهتمام بالاحتياجات العاطفية للأطفال اليتامى.
العمل على لفت انتباه العالم إلى الاهتمام والرعاية بهؤلاء الأطفال.
كذلك الهدف هو العمل على محاولة إدخال السعادة والبهجة إلى قلوب الأطفال.
أن يشعر الطفل بأنه متشابه مع جميع الأطفال.
إدماج الأطفال مع المجتمع.
ونريد أن ننوه أن تخصيص يوم للاحتفال بالطفل اليتيم في مصر والعالم العربي بمثابة رسالة لجميع الأيتام بأن المجتمع لا ينساهم، وأنهم جزء لا يتجزأ منه، كما أن الشريعة تجعل رعايتهم وتلبية مطالبهم من مقاصدها، ولقد خص الإسلام من يمسح على رأس يتيم بالثواب العظيم والأجر الكبير من الله عز وجل، فما بالنا بمن يقوم بزيارته باستمرار ولا ينقطع عنه ويرعى شئونه ويُدخل الفرحة والسرور على قلبه؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن جاءه يشكو قسوة قلبه: “امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين” رواه أحمد.
نصائح أطباء الصحة النفسية للاحتفال باليتيم :
ويوضح أطباء الصحة النفسية، بعض النصائح النفسية للتعامل مع الأطفال اليتامى بشكل صحيح دون إيذاء مشاعرهم، خاصة في هذا اليوم، وهي:
1- المشاركة الاجتماعية: وتكون عن طريق إدخال الطفل في الأنشطة الاجتماعية مع أطفال آخرين بشكل مستمر، لكي يحدث صداقات، ولا يشعر بالانعزال والوحدة.
2- التعاطف: ولكن لا تكون بالإفراط، فالتعاطف المبالغ فيه يأتي بنتيجة سلبية، فلابد أن يكون هناك توازن في التعامل.
3- التربية السليمة: هناك مسئولية كبيرة على المسئولين بدور الأيتام، لتربية الأطفال على خلق حميدة وطيبة، وتعليمه دينه بشكل صحيح، مع مراعاة المشاعر.
4- الكلمة الطيبة: وذلك بإدخال البهجة والسرور في نفسية الطفل، وحمايته من الاضرابات النفسية، ودعمه بشكل مستمر ومساندته، والتعامل مع اليتيم  بالحب و زرع فيه الثقة بالنفس ، فهذا يجعله يشعر بالاطمئنان، وجبر خاطره ويعطيه حافزا للطموح.
5- الاهتمام بالجوانب النفسية: وذلك عن طريق إعطائه الحرية في التعبير، ومناقشته في أمور الحياة، سواء أمورا شخصية أو عامة، مع اللين في الحديث والرفق في التعامل مع اليتيم من أقوى الوسائل لإدخال السرور على قلبه ودعمه نفسيًّا .
6-  الحفاظ على مال اليتيم ؛ حتى يكبر و المساعدة في نفقاته حتى يكبر ويستطيع أن يأتي برزق حلال بنفسه.
7- التشجيع للطفل اليتيم والثناء عليه خاصة بعد إنهاء عمل شيء ، مع تحفيزه بهدية أو جائزة دافع جيد لرفع الروح المعنوية لديه وحثه على العمل الصالح والنافع .
8- رجاء التوجيه والإرشاد بطريق غير مباشر للطفل اليتيم في حالة الخطأ ؛ فهذا له من التأثير والتغيير في النفس والسلوك.
9- إدخال البهجة والسرور على اليتيم من أعظم الطاعات التي تقربنا لله سبحانه وتعالى ، بالمشاركة معه باللعب او الرحلات الترفيهية أو الاستماع له وقص القصص ، أو الرسم والتلوين ……………… ومثل هذه الأنشطة.
10- التشجيع للطفل اليتيم والثناء عليه خاصة بعد إنهاء عمل شيء ، مع تحفيزه بهدية أو جائزة دافع جيد لرفع الروح المعنوية لديه وحثه على العمل الصالح والنافع .
11- التربية الصحيحة والسليمة كما أقرّها ديننا والتي تعطي اليتيم التنشئة الصالحة وذلك بغرس العقيدة السليمة لديه، ودور القدوة الصالحة من خلال قصص السيرة النبوية .
و يعد كفالة الطفل اليتيم له أثر كبير وواضح على المجتمع يحث يعمل على:
إستقرار المجتمع وزيادة معدلات التنمية الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.
لكفالة اليتيم ثواب كبير عند الله حيث تحث جميع الأديان السماوية علي ضرورة الإعتناء والإهتمام باليتيم وتوليه بالرعاية اللازمة.
 الحد من ظاهرة أطفال الشوارع وما لها من خطورة كبيرة في تدمير المجتمع وعرقلة مسيرته.
هذا ونؤكد بأن الأطفال الأيتام لهم حق أصيل على المجتمع بكل أفراده وطوائفه، فلا يقتصر على الجمعيات والمؤسسات الخيرية فقط، بل على كل فرد عليه أن يسعى إلى زيارة الأيتام طوال العام من أجل التخفيف عنهم وإدخال الفرحة والسرور على قلوبهم، خاصة أن دور رعاية الأيتام تفتح أبوابها طوال العام وليس يومًا واحدًا فقط.
ولا ننسى ما ذكرناه آنفا إن الشريعة الإسلامية تضع الأيتام في مكانة ومنزلة خاصة وتدعو دائمًا إلى رعايتهم والقيام على قضاء حوائجهم وتقديم كل أشكال الرعاية لهم، للتخفيف عنهم وإشعارهم بالحب والحنان الذي يفتقدونه، وذلك باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع، ولذا ينبغي علينا أن نشعر اليتيم بوجودنا ليس في أبريل فقط بل في كل أيام العام.

زر الذهاب إلى الأعلى