المواقع الإعرابية : نظرة فسيولوجية
بقلم،ـ الدكتور كمال عليوه
استاذ دكتور بكلية طب جامعة طنطا
اللغة كظاهرة إنسانية تعتبر وظيفة فسيولوية من ظائف المخ البشرى.
ولابد وحتما من وجود مسارات لغوية فى العقل البشرى ،إذا تتبعها المتكلم فإنها تنتهى به إلى كلام مفهوم .وأى خلط فى هذه المسارات يؤدى إلى كلام ناقص أو مبتور أو غير مفهوم .
وإن شئت فقل أن هناك قوالب لغوية تحمل الكلمات لتؤدى فى النهاية إلى معانى مفهومة ، وهذه القوالب هى المواقع النحوية المعهودة فى كل لغة من اللغات .
وعليه فكل موقع إعرابى ، أو نحوى ، له دلالاته اللغويه ، والبلاغية ، فى الجملة .
وأى خلل فى إدارة هذا القالب ، أو الموقع – من ناحية الإستخدام – يؤدى إلى خلل موازى ، ومساوى، فى الوظيفة اللغوية لهذا الموقع اللغوى ، أو هذا القالب اللغوى .
ولتوضيح ذلك نقول من خلال هذا المثال :
شرب ….الولد….اللبن .
فكلمة شرب يحملها قالب فى المخ يفتح بها عدة مسارات أو أبواب لغوية ،
منها مثلا :
باب الفاعل …
فالعقل بعدما يسمع كلمة شرب ينتظر الإجابة على سؤال يطرح نفسه قائلا :
من الذى شرب ؟
وتأتى كلمة الولد لتجيب عن السؤال السابق ليصير الكلام :
شرب الولد .
ويمكن للمتحدث أن يسكت على هذا القدر من الكلام .وفى هذه الحالة يستقر المعنى .
ونتيجة لذلك يصرف العقل المعنى على المعهود من المشروبات ، وهو الماء .
ولكى يفهم العقل هذا الفهم يفضل للمتكلم تسكين الفاعل ، فنقول : شرب الولد بتسكين الدال .
بينما رفع كلمة الولد ، وظهور حركة الرفع فى الكلام ، تمهد لظهور المفعول به فى الجملة.
وتجعل العقل فى حالة استعداد لتلقى المفعول به ،وذلك عن طريق فتح قالبه( أو موقع المفعول به) . والذى هو هنا كلمة اللبن .
وتصير الجملة شرب الولد اللبن .
وهنا أيضا إحتمالان .
الأول : تسكين آخر كلمة اللبن . وفى هذه الحالة ( أى التسكين) تنتهى رسالة الجملة ، وينتهى الكلام .
والإحتمال الثانى :
هو إظهار حركة الحرف الأخير فى كلمة اللبن ، وفى ذلك إيعاذ من المتكلم بورود متعلق آخر بكلمة اللبن .
كأن يأتى بصفة فى اللبن فيكون الكلام كلآتى:
شرب الولد اللبن الرائب .
أو كأن يأتى بحال فيكون الكلام :
شرب الولد اللبن رائبا .
أو أن يأتى بظرف زمان ،
ومثاله :
شرب الولد اللبن صباحا .
أو يأتى بظرف مكان ،
ومثاله :
شرب الولد اللبن تحت الشجرة.
أو يأتى بمفعول لأجلة،
كأن يقول :
شرب الولد اللبن تنفيذا لتعليمات الطبيب .
فكل ما سبق من المواقع الإعرابية يمهد لها إظهار حركة الحرف الأخير فى الكلمة .
وأما تسكينه – أى الحرف الأخير فى الكلمة – فإنه يقفل الموقع الإعرابى التالى .
وعليه نستطيع أن نقول :
1- المواقع الإعرابية ماهى إلا قوالب فسيولوجية فى العقل البشرى .
2- أن فتح هذة المواقع وتشغيلها يخضع لإكتمال المعنى .
أو يخضع لظهور حركة الحرف الأخير لآخر كلمة فى الجملة .
3- سكون الحرف الأخير فى الكلمة لا يشجع فتح القوالب النحوية أو المواقع الإعرابية .
أكتفى بهذا القدر وأرجوا أن يكون بابا لإصلاح إستخدام اللغة العربية .