عميد كلية اللغة العربية بالزقازيق الأسبق : من يتهمون الناس بالكفر والزندقة يجهلون قواعد وأصول ودلالات اللغة العربية

في إطار دور وزارة الأوقاف في نشرالفكر التنويري والتثقيفي للتعريف بحقيقة الدين الإسلامي وسماحته ، ودورها في تجديد الخطاب الديني ، وبرعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، أُقيمت مساء يوم الجمعة 16 رمضان 1439هــ الموافق 1 / 6 / 2018م الحلقة رقم 14 لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)، وكانت بعنوان : ” لغة القرآن في فهم الشريعة ” وحاضر فيها فضيلة أ.د/ صابر عبد الدايم عميد كلية اللغة العربية الأسبق ـ رئيس رابطة الأدب الإسلامي ، وفضيلة أ.د/ محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا سابقًا ، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، بحضور فضيلة أ.د/ أحمد علي عجيبة أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، و د/ محمـد عزت محمد مدير عام شئون القرآن بالوزارة ومنسق الملتقى ، وفضيلة الشيخ / محمد خشبة وكيل مديرية أوقاف القاهرة ، والسادة قيادات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، ولفيف من شباب الدعوة والدعاة بالوزارة ، وجمع غفير من الحضور رجالا ونساءً ، شبابًا وشيوخًا .
وفي بداية كلمته وجه أ.د/ صابر عبد الدايم عميد كلية اللغة العربية بالزقازيق الأسبق ــ رئيس رابطة الأدب الإسلامي التحية والتقدير لمعالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة على رعايته لهذا الملتقى ، ثم تحدث عن لغة القرآن الكريم ، موضحا أن من تكلم العربية فهو عربي ، فاللغة العربية لغة إشراقية ومضيئة ، مستشهدا بقول الله (عز وجل) : ” وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ” ، مشيرًا إلى أنه لابد لمن يخاطب الناس ويفتي لهم أن يكون عالما بلغة القرآن الكريم وآدابها ، ولقد أوصى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بتعلم اللغة العربية بقوله: ” تعلموا العربية فإنها من دينكم ” .
كما أكد فضيلته على أهمية اللغة العربية معلقًا على من يتهمون الناس بالكفر والزندقة إنما لجهلهم بقواعد وأصول ودلالات اللغة العربية ، وصار أذيالهم في عصرنا الحديث على نهج هؤلاء الخوارج القدامى ، مشيرً إلى أن لغة القرآن هي لغة التفسير والحديث والفقه ، كما أنها لغة العلماء ، فهي ليست ببعيدة عن علوم الشريعة الإسلامية على اختلاف مناحيها وعلومها ، مطالبا أولياء الأمور أن يعلموا أبناءهم القرآن الكريم حفاظًا على اللغة العربية ، ورفع الوعي اللغوي لدى الناس ، مما يترتب عليه رفع الوعي الديني ، وعلى السادة الأساتذة التحدث بالفصحى في المحاضرات العامة وقاعات الدرس على كل المستويات ؛ حتى تنهض لغتنا العربية من سباتها .
وفي كلمته قدم فضيلة أ.د / محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا سابقًا ـ عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشكر العميق لوزارة الأوقاف ، وعلى رأسها معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لتتبع الموضوعات ذات القيمة لتحييها وترسخها في قلوب المسلمين والعرب ، مثمنا بذلك اختيار موضوع الحلقة النقاشية عن اللغة العربية وأثرها في فهم الشريعة الإسلامية ، مبينا أهميتها بقوله: ” كلما زاد باع الرجل في اللغة العربية زاد باعه في الشريعة ، وكلما ضعف في فهم اللغة العربية ضعف في فهم الشريعة ” ، مشيرًا إلى أن من حكمة الله ــ عز وجل ــ أن نزل القرآن الكريم عربيًا ، قال تعالى : ” إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا ” ، فإذا أراد العرب إحياء حضارتهم ومفاخرهم وتاريخهم فينبغي أن تشيع اللغة العربية ، وأن يكون الاهتمام بها أحد أهم أولويات حياتها.
كما أوضح فضيلته أن من يتصدى لتفسير القرآن الكريم ــ وهو أمر جد خطير ــ لابد وأن يكون عالمًا بلغة القرآن الكريم ، من حيث العام والخاص ، والمجمل والمفصل ، والمحكم والمتشابه ، والخفي والمشكل ، والحقيقة والمجاز ، والصريح والكناية ، إلى غير ذلك من قواعد اللغة العربية ودلالاتها ، مشيرًا إلى أن الذي جعل الشيخ / محمد متولي الشعراوي متمكنا في تفسير كتاب الله ــ عز وجل ــ هو تمكنه من اللغة العربية وفهم قواعدها ، ثم ساق فضيلته بعض النماذج التي تدل على أهمية فهم قواعد ودلالات وإشارات مفردات اللغة العربية ، منها : قول الله تعالى : ” كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ” فكلمة ” كل “من صيغ العموم ، تعم كل الأفراد صغيرًا وكبيرًا ، قويًا وضعيفًا ، وكذلك قولـــه تعالى : ” فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ” فجاء القرآن بكلمة ” أجمعون ” بعد كلمة ” كلهم” على الرغم من أن المعنى واحد ، لكن دلالة ” كلهم ” تدل على سجود الملائكة كلهم إلا إبليس ، ودلالة كلمة ” أجمعون ” أن الملائكة كلهم سجدوا في وقت واحد وزمان واحد ، وهكذا ساق لنا فضيلته ما يدل على ضرورة فهم قواعد ومعاني وإشارات اللغة العربية .
كما أكد فضيلته على ارتباط فهم القرآن الكريم بلغتنا العربية التي هي لغة القرآن الكريم ، وما نراه من تجرأ بعض الناس على الثوابت التراثية لشريعتنا كالإمام البخاري في صحيحه هو من عدم فهمهم للغة العربية ، لذلك أوصى فضيلته بأنه لابد من عودة اللغة العربية إلى قاعات الدروس ، وعلى الأئمة أن تستقيم ألسنتهم على المنابر ، وأن يهتم الناس في بيوتهم بلغتنا التي هي لغة القرآن الكريم.