بحث لأستاذ شريعة يؤكد رفع سن الحضانة الي 15 عام إجتهاد غير موفق

ذكر بحث أعده الدكتور محمد قاسم المنسي، أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة، ووكيل كلية دار العلوم، بعنوان ” تحديد نهاية الحضانة بين الفقه الإسلامي والقانون وعلم النفس” أن تحديد نهاية الحضانة لم يرد به نص قطعي من نصوص الكتاب أو السنة، وإنما ترك ذلك لإجتهاد الفقهاء في كل عصر، لذا يكون من الطبيعي أن تختلف نهاية الحضانة بإختلاف الزمان والمكان والأحوال.
وجائت نتائج البحث أن أي إجتهاد في تحديد نهاية الحضانة ينبغي أن يراعي الأجواء والملابسات التي تحيط بمسألة الحضانة، وهل هي أجواء تعاون وتفاهم أم صدام وإنتقام، لأن الحضانة لا تنشأ الا بعد إنفصال الزوجين وما يستتبع ذلك من خصومات ومنازعات، بالإضافة الي المقاصد أو الأهداف الجزئية والكلية للشريعة، التي دلت عليها مجموعة النصوص العامة للشريعة أو مجموعة النصوص الخاصة بأحكام الأسرة التي تعد مسألة الحضانة جزء منها.
كما أن نتائج الدراسات المعاصرة في العلوم الإنسانية فيما يتصل بالطفل صاحب الحق الأول في الحضانة، يجب أن تكون هاديا ومرشدا للعمل الفقهي في الإستبصار بحقائق الواقع وتفاصليه، فضلا عن الإستبصار بمعطيات النصوص والآدلة الشرعية.
إن السن المقترح لنهاية الحضانة في ضوء الظروف المعاصرة هو الذي أقر به قانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 1985 لأنه لم يبعد كثيرا عن حصيلة أقوال الفقهاء كما لم يزد عما كان متاحا للقاضي في التقنين السابق الا بعام واحد لتوفير مزيد من الإستقرار والإطمئنان للصغير والصغيرة، بالإضافة الي مرونة الصياغة التي تتناسب مع إختلاف ظروف الحضانة من حالة الي أخري.
ووصفت نتائج البحث القانون رقم 4 لسنة 2005 الذي رفع سن الحضانة الي 15 عاما بأنه يدخل في باب الإجتهاد غير الموفق نظرا لأنه وحد سن الحضانة بين الإناث والذكور وهذا أمر مخالف لما أستقر عليه الفقه الإسلامي بكافة مذاهبه بالإضافة الي مخالفته لطبيعة كل من الذكر والأنثي، كما أن هذا السن لم يقل به أحد من قبل مع تشابه الظروف في مجتمعات معاصرة.
كما أشار أن تحديد سن الحضانة عند 15 عام يفتح الباب علي مصراعيه للإلتفاف حول حق الحضانة وتحويله عن غرضه خاصة في ظل أجواء الخصومة الشديدة بين الزوجين، اذ لا ينتظر بعد هذة المدة الكبيرة من عمر الطفل أن يفكر في العودة الي أبيه وأسرة أبيه وآني له ذلك وقد أنفردت به الأم التي تحمل في الغالب مشاعر كراهية وغضب تصبها داخل عقل الصغير، كما أن هذا السن سيؤدي الي الإضرار بالأب الذي سيكون مكلفا بالإنفاق علي الصغار طوال هذة الفترة دون أن يكون له حق التوجيه والتأديب والإشراف علي تعليمه أو إصطحابه الي أماكن غير الأماكن المحددة له بحكم القانون، وبذلك يقتصر دور الأب علي دفع النفقة الواجبه عليه لإبنه او إبنته وقد يعود له في المستقبل أو لا يعود.
وأشارت النتائج أنه في هذه الحالة يصبح الولد سببا لإيقاع الضرر بالأب وهذا مخالف لقوله (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده).
و أكد علي ضرورة مراعاة التناسب بين سن الحضانة الذي يمثل الولاية الأولي علي الطفل وهي ولاية التربية، والولاية الثانية وهي الولاية علي النفس، حتي لا يحدث جور أو نقص في إحدهما يدفع الطفل ثمنه قبل الطرفين الذين يكلفان برعايته إذ لكل منهما دور مهم في حياته.
وأخيرا قال الدكتور محمد قاسم المنسي أن الأفضل النزول بسن الحضانة الي 10 أعوام للولد و12 للبنت كما كان في قانون 100 لسنة 1985، حتي تكون الآثار المترتبة علي هذا التغيير مقبولة ومرضية لكل الأطراف، ومحققة كذلك للمصلحة الفضلي للطفل لأنها تدعم فكرة الإستقرار والتدرج في الإصلاح بخلاف التعديلات التي قد تمثل تغييرا شاملا يسبب صدمة للمجتمع ولا يحقق المصلحة المرجوه منه.