عام على أحداث كمين الواحات..
اعتداء وحشي من تنظيم داعش الإرهابي.. وهشام عشماوي في قبضة الأمن
تقرير – محمد عيد:
كمين نفذه تنظيم داعش الإرهابي في ولاية سيناء ضد قوات الأمن المصرية في كمين الواحات في طريق محافظة الجيزة، وقعت الأحداث يوم الجمعة الموافق 20 أكتوبر 2017، أعلن مصدر حكومي أن العملية أسفرت عن مقتل عدد 16 من قوات الأمن المصرية، وإصابة 13 ، وأسفر التعامل مع العناصر الإرهابية عن إصابة 15 شخصًا، في حين رجحت مصادر أخرى سقوط أكثر من 54 رجل أمن.
الكمين
التحريات المبدئية رجحت أن الحادث تم بالشكل التالي: مع اقتراب القوات من المخبأ حيث غرست إحدى المدرعات في الرمل، وأثناء محاولة إخراجها استشعر المسلحون الحملة فسارعوا إلى الهجوم عليها من أعلى تل وأطلقوا قذائف آر بي جي وهاون تجاه القوة الأمنية، ويبدو أن القوات فوجئت بحجم كثافة النيران، وتبادلت إطلاق النار مع هذه العناصر، لكن المسلحين استخدموا أسلحة متطورة فضلاً عن عبوات ناسفة ومتفجرات شديدة الخطورة والتأثير.
فوجئت القوات بإصابة 4 سيارات شرطة في نهاية سرب قوات الأمن، وحينما همت بالاستدارة لصد الهجوم من الخلف، فوجئت بصواريخ وهجوم يصيبهم من خلفهم ما أصاب جميع القوات، واستخدام العناصر الإرهابية للأسلحة الثقيلة حسم الوضع لمصلحتها، ما أسفر عن مصرع 23 ضابطاً، 7 أمن وطني، و16 أمن مركزي وعمليات خاصة و35 مجنداً وأفراد شرطة وإصابة أربعة بإصابات خطيرة، بينما تمكن المسلحون من الفرار في عمق الصحراء. وقالت وزارة الداخلية إن 16 رجل شرطة بينهم 11 ضابطا قتلوا عندما تعرضت تلك المأمورية الأمنية للهجوم وأصيب 13 آخرون.
وسقط 15 من المتشددين بين قتيل وجريح. ولم يذكر البيان تفاصيل عن ضحايا مأمورية أمنية أخرى قال إنها توجهت إلى المنطقة.
تعذَّر الاتصال بين الحملة وقوات الأمن، الأمر الذي أخر وصول الدعم إليها وعقب الحادث قامت قوات الأمن بغلق طريق الواحات وتم الدفع بالمزيد من القوات مدعومة بمروحيات قتالية ودعم لوجيستي من القوات المسلحة لضبط العناصر الإرهابية، حيث تمكنت المروحيات من قصف وتدمير سيارتي دفع رباعي بمن فيهما، إضافة إلى تمشيط محيط موقع الحادث طوال الليل.
التحقيق
انتقل فريق من نيابة أمن الدولة بناءً على تكليف من النائب العام لمكان الهجوم في الوقت الذي كانت تمشط فيه طائرات عسكرية المكان. وبحسب المصادر فإنه تم العثور على 11 سيارة شرطة متفحمة ولم يجدوا 3 سيارات شرطة أخرى كانت ضمن الحملة الأمنية.
ونقلت سيارات الإسعاف جثث الشهداء من الضباط والمجندين، مشيرة إلى أن أفراد الأدلة الجنائية عثروا على فوارغ طلقات نارية ثقيلة وفوارغ صواريخ ار بي جي وغرينوف.
وأوضحت أن أجهزة أمنية عدة تحقق في الحادث وعما إذا كان الإرهابيون قد حصلوا على معلومات حول موعد الحملة، أو أن يكون شخص ما أو نقطة تمركز للمسلحين تختبئ على طريق الواحات أبلغتهم بقرب وصول القوات، أو أن الإرهابي الذي أرشد الحملة الأمنية إلى موقع اختباء الإرهابيين ما هو إلا انتحاري تم الدفع به لاستدراج قوات الشرطة إلى وادٍ منخفض، بينما كمن الإرهابيون أعلى التلال المحيطة بالوادي، ومهاجمة قوات الأمن قبل أن تصل إليهم.
المتهمون المحتملون
المرابطون
أشارت أغلب التحريات الأمنية المصرية إلى أن قائد الخلية الإرهابية التي نفذت الهجوم الذي راح ضحيته ما لا يقل عن 55 قتيلاً من عناصر الشرطة المصرية، هو هشام عشماوي المكنى “أبو عمر المهاجر”، وهو ضابط سابق بقوات الصاعقة في الجيش المصري وتم فصله قبل 12 سنة، ثم صار عضوا بتنظيم داعش في ولاية سيناء، وبعد إنشقاقه عن ولاية سيناء أسس جماعة يطلق عليها “المرابطون” حاليا.
وكان عشماوي اتهم سابقا بالضلوع في أغلب الهجمات الإرهابية التي حدثت في مصر، من بينها تفجيرات أحد السعف الأخيرة وهجوم المنيا ، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم وقضية عرب شركس، وهجوم الفرافرة ، واستهداف الكتيبة 101 ، كما اتهم بتأسيس وتدريب خلايا إرهابية في ليبيا ونقلهم لتنفيذ عمليات إرهابية في مصر.
استطاعت التنسيقات المصرية مع قوات الجيش الليبي، من ضبط عشماوي، وجاري ضبط اجراءات تسليمه للسلطات المصرية، لتقديمه للمحاكمة.
داعش ولاية سيناء
قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن هذا الهجوم يقف وراءه تنظيم الدولة الإسلامية، الذي ترك سوريا بعد الحرب المحكمة ضده في الرقة ودير الزور وأيضاً ما يلاقيه التنظيم في العراق. الصحيفة الأميركية اعتبرت أن ما حدث للتنظيم في سوريا دفع أعضاءه للهرب إلى دول مجاورة من أجل تنفيذ عمليات ضد عناصر الشرطة والجيش المصري الذين يعتبرهم التنظيم “كفاراً”.
كذلك صحيفة ديلي ميل البريطانية أشارت إلى أن تنظيم داعش هو الذي قام بهذا الهجوم، على اعتبار أنه نقل مسرح عملياته من سيناء إلى مناطق صحراوية في مصر، نظراً لحالة التضييق التي يعاني منها بعد التنسيق الأمني بين مصر وقطاع غزة مؤخراً.
بعض المصادر رجحت أن يكون الإرهابيون من عناصر داعش التي تختفي في الصحراء الغربية وكانت وراء تفجيرات الكنائس بقيادة الهارب عمرو سعد عباس.
وكشفت الاعترافات التفصيلية التي أدلى بها عدد من المتهمين مرتكبي جرائم تفجير الكنائس الثلاث (البطرسية بالعباسية والمرقسية بالإسكندرية ومارجرجس بالغربية) والهجوم على كمين النقب، أن زعيم الخلية هو “عمرو سعد” واعترف عدد من المتهمين بأنهم التحقوا بتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين داخل الأراضي الليبية وتلقيهم تدريبات بدنية وعسكرية داخل معسكرات للتنظيمين.
عودة الضابط المفقود
في 31 أكتوبر 2017 أكد بيان صادر عّن القوات المسلحة المصرية، على قيام قوات الجيش والشرطة بعملية ناجحة أسفرت عن القضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية بطريق الواحات، وتحرير النقيب محمد الحايس من أيدي العناصر الإرهابية.
عضو التنظيم المأسور
السلطات المصرية كشفت عن صورة الإرهابي المقبوض عليه في عملية الواحات التي أفضت إلى تحرير الضابط المختطف محمد الحايس سالف الذكر، وأن المعلومات تشير أنه ليبي الجنسية. وقالت السلطات أن المأسور أدلى بمعلومات تفصيلية عن معسكرات لتنظيم داعش داخل ليبيا، كما اعترف بأن الهدف كان استهداف الأقباط في الفيوم والجيزة.
وقيل أن هذا الرجل كان مسؤول الدعم والمعيشة ومتابعة الأسرى بخلية الواحات، وأنه كُلِّف بتدريب عناصر الخلية على حمل السلاح وتصنيع المتفجرات. وأشار الموقع إلى أن الشخص المذكور من المُقرر أن يظهر على فضائية الحياة المصرية في مقابلة مع الإعلامي عماد الدين أديب، ليتحدث حول دوره في المعركة، والمهام التي كُلف بها، ولماذا حاول التنظيم تهريبه إلى ليبيا.
وفي اليوم ذاته، ظهر منفّذ هجوم الواحات في اللقاء التلفزيوني سالف الذكر، فقال أن اسمه هو عبد الرحيم محمد مسماري، وأنه ليبي الجنسية، وشارك في الثورة الليبية ضد نظام معمر القذافي سنة 2011، وأنه أتى إلى مصر لصد الظلم والجهاد، بعد أن تبين أنه “ليس هناك مَنْ يصدّ الظلم ولا يوجد تطبيق لشريعة الله”، فانضم إلى جماعة الشيخ حاتم – وهو ضابط مصري مفصول يُدعى عماد الدين – بحيث عمل مع أصحابه على توفير الدعم اللوجستي للشيخ المذكور.
وقال أيضًا أنه دخل مصر مع 14 شخصًا من جنوب درنة، فتنقلوا بين عدة محافظات بالصعيد، منها الظهير الصحراوي لمحافظات قنا وسوهاج وأسيوط، قبل الاستقرار بمنطقة الواحات في شهر يناير 2017.
وأمضت المجموعة 10 أشهر في المنطقة المذكورة، انضم إليها خلالها 6 عناصر جديدة، وهم المجموعة التي نفذت هجوم دير الأنبا صموئيل بالمنيا.
أما بالنسبة لتفاصيل هجوم الواحات، فقال أنه في يوم 20 أكتوبر 2017 رصد أحد عناصر المجموعة القوة الأمنية المصرية وهي تقترب من مكان تواجدهم، فأمر الشيخ حاتم بالاشتباك معهم مما أسفر عن قتل أحد أعضاء المجموعة وإصابة اثنين، وقتل الضباط وأسر الضابط محمد الحايس.
بعد ذلك هرب هؤلاء باتجاه ليبيا ليظهر أمامهم 4 سيارات جيب تابعة للأمن المصري على بُعد 80 كيلومتر تقريبًا من موقع الحادث، فحاولوا مواجهتهم بدايةً لولا أن أغارت عليهم بعض الطائرات العسكرية المصرية، فقُتل أغلب أعضاء التنظيم، وفر الباقون إلى الصحراء حيثُ ماتوا ولم يبقَ سواه على قيد الحياة، وما لبثت قوات الأمن أن قبضت عليه.