لماذا القاهرة أقل المدن الكبرى جاذبية؟
تقرير – محمد عيد:
رغم ما مرت به القاهرة من تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية إلا أنه يصعب أن يتم تجاوزها في أي تقرير دولي للتصنيف والمقارنة، خاصة مع الجودة المعقولة للبيانات الحكومية، وعدد السكان الكبير فهذه الأمور تضمن وجودها في التقارير الدولية، ولكن يحصرها أيضا في المراكز المتأخرة.
ففي الأسبوع الماضي صدر تقرير مؤشر المدن العالمية القوية لعام 2018، عن معهد الاستراتيجيات المدنية التابع لمؤسسة “موري ميموريال” اليابانية، والذي يصنف المدن الرئيسية 44 عالميا، وفقا لجاذبيتها أو قدرتها على استقطاب أفراد ومؤسسات مبدعة بشكل دوري منذ إصدار التقرير الأول في 2008.
ويتم تصنيف المدن على أساس 70 مؤشرا ضمن ست فئات، هي: الاقتصاد والبحث والتطوير والتفاعل الثقافي وقابلية العيش، والبيئة والمواصلات.
ولم تتغير المدن الأربع التي تتصدر القائمة منذ العام الماضي وهي لندن ونيويورك وطوكيو وباريس، ولحقتها سنغافورة وأمستردام وسيول وبرلين وهونج كونج وسيدني، بينما حلت القاهرة في المركز الأخير متأخرة عن مومباي وجوهانسبرج وجاكرتا.
وتشارك الولايات المتحدة بست مدن في القائمة، وهناك عدد كبير من الدول الكبرى تشارك بمدينتين، وهي نفسها حصة قارة افريقيا بأكملها، التي تمثلها القاهرة وجوهانسبرج فقط.
وفيما يخص فئات التصنيف، حلت القاهرة في المرتبة الأخيرة في مجالي الاقتصاد والبحث والتطوير، و42 في مجالي حماية البيئة وسهولة المواصلات، و40 في قدرة الناس على العيش، وكان أفضل مركز هو 37 في التفاعل الثقافي، بسبب الإمكانيات الثقافية والسياحية.
ويلفت التقرير انتباهنا إلى أن تدفق الاستثمارات إلى أي دولة في العالم لا يرتبط بوضعها الاقتصادي وسهولة أداء الأعمال فقط، لكن كيف سيعيش المستثمر وإدارة الشركة العليا وأصحاب المهارات النادرة، الواجب وجودهم في مرحلة التأسيس الأولى على الأقل؟ وكيف سيتم تطوير عمل الشركة في مدن لا تهتم بالبحث العلمي والتطوير؟ وكيف سيتم توظيف عمالة مؤهلة في دول لا تهتم بالتدريب وتنمية رأس المال البشري وتحسين رفاهية المواطنين ما يضاعف قدرتهم على الإنتاج؟
ويطرح التقرير أيضا تساؤلات حول منافسة القاهرة على صدارة المدن الملوثة رغم انخفاض قيمة ناتجها الصناعي، ففي فئة حماية البيئة، على عكس باقي التصنيفات، تأتي المدن ذات الناتج الصناعي المنخفض في الصدارة مقارنة مع المدن الكبرى.
فعلى رأس القائمة تأتي ستوكهولم وزوريخ وكوبنهاجن وسيدني، بينما تتذيل بكين وشنغهاي والقاهرة الترتيب، فإذا كان مفهوما أن تكون بكين “مصنع العالم” الأكثر تلوثا، فلماذا تنافسها القاهرة على هذا اللقب؟ مع الوضع في الاعتبار إنه إن أجلا أو عاجلا ستضطر الدول الأكثر تلوثا محاربة التلوث حماية للبيئة ولمواطنيها ولكثير من العمليات الصناعية التي تعتمد على منتجات محلية تحتاج بيئة أقل تلوثا، وقد اتخذت الصين خطوات كبيرة في هذا المجال بالفعل.
لذا على الدول مواجهة تحديات الاستثمار بشكل متوازي، وليس فقط الاهتمام القاصر بما يطلق عليه “بيئة الاستثمار” لأنه من الصعب عزل ذلك عن بيئة الدولة ككل.