أسطورة بطل نجريج .. يُسرى «صلاح» تُصلح ما أفسدته سواعد «داعش»
الثاني والعشرين من مايو العام الماضي..عدة مئات من شباب من الجنسين تأنقوا كما ينبغي ..ذهبوا والفرح يفيض من قلوبهم ليكسو وجوههم بوضوح..وجهتهم كانت «مانشستر أرينا» الإنجليزية…البشر والسرور المنثورين في الهواء كانا يليقان بحفل غنائي تُقيمه المُغنية الأمريكية الشابة «أريانا جراندي».. السعادة التي تشاركها الحضور كان لها ما يُبررها.
كانت الأمور تسير على ما يُرام، حتى انسل الشيطان من بين الحضور، وقرر أن يُحيل فرحهم ماتمًا، مُزيحًا بساعديه كافة ألوان البهجة تاركة خلفها قتامة الأسود عنوانًا وحيدًا للمشهد، فجر الانتحاري نفسه، مُخلفًا 23 قتيل، و119 جريح.
سادت أجواء الحداد المملكة البريطانية، وفي خضم ذلك أعلنت حركة داعش المتطرفة مسئوليتها عن الحادث، وتم الإعلان أن الانتحاري كان شاب ليبي مواليد 1994، ويدعى «سلمان رمضان»، وأنه من مواليد بريطانيا.
لم يمر وفتًا طويلًا حتى جاءت الصدمة التالية، وكانت أشد قوة، في الرابع من يونيو، كانت نشرات الأخبار المسائية حول العالم تنقل تفاصيل ما عُرف إعلاميًا بـ«هجمات لندن»، تفاصيل الأنباء كان تشير الى واقعة دهس قام بها سائق حافلة صغيرة على «جسر لندن»، لم يكتفي الإرهاب بما أنجزه، فجاءت الخطوة الثانية للعملية القذرة، حيث ترجل ثلاثة أشخاص يحملون سكاكين، وقاموا بطعن عدد من المُتبضعين بـ«سوق بورو » المجاور للجسر.
الشرطة البريطانية أعلنت حينها مقتل سبعة أشخاص، وإصابة 48 شخص، كسابقه، أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن الحادث الإرهابي.
عقب سلسلة الهجمات الدموية، وجد مسلمو بريطانيا نفسهم في موضع بالتأكيد لا يحسدهم عليه أحد، فمن جانب وجب عليهم التبرير والدفاع عن دينهم في جوابهم لمن يسألهم عن دوافع هؤلاء الإجرامية، ومن جانب آخر لن يسلم الجميع من مضايقات هنا أو هناك على خلفية ذلك الاعتداء الوحشي غير الإنساني.
خرج صادق خان، عمدة لندن المسلم ذو الأصول الباكستانية، مُشيرًا الى أنه وعقب تلك الهجمات فإن الهجمات ضد المسلمين تزايدت بمقدار خمسة مرات، في يونيو من العام ذاته شهد مسجد بشمالي لندن حادث دهس، راح ضحيته شخص، وأصيب على إثره عشرة أشخاص آخرين.
يقف المسلمون عن التفكير في ظروف كتلك سوى في شئ وحيد، ويبدء الجميع في في التساؤل، عداء ضد المسلمين؟..إذًا ما العمل؟، تتعدد الأراء، ويبقى الرأي الأكثر واقعية، هو ضرورة أن يُوجد للمسلمين طلة بشوشة تُمثلهم، غير ذلك الوجه الدميم الكريه المُلثم بسواد الشر.
هدية الله المُنجية لمسلمي «بريطانيا»، جاءت من قرية نجريج المصرية، عبر الشاب ذو الملامح العربية الصرفة، لاعب الكرة الواعد “محمد صلاح”، قدومه الأول لبلاد الملكة إليزابيث لم يكن موفقًا، فكان برد لندن القارس عائقًا للقادم من بلاد الشمس على التألق كنجم في سماءها، واستغرق الأمر منه عمل إضافي في بلاد الطليان عاد بعدها أقوى مما كان.
تألقه اللافت مع ليفربول العريق كان مثار إعجاب الجميع، حتى وسط هؤلاء الذين لم يقسموا بألا يتركوا الريدز يسير وحيدًا، واصل النجم المصري توهجه، وسجل بيسراه أهدافًا عديدة، من بينها أهدافًا رائعة سيسجلها التاريخ بأحرف من نور.
قدم «صلاح» النموذج المثالي لكافة القيم المُنيرة التي يرغب المسلمون في أن تُعبر عنهم وعن معتقداتهم، فاللاعب الرائع ذا القدم اليُسرى الذهبية، لم تتغير شخصيته المتواضعة البسيطة، ولم يُضبط بمقطع مصور وهو يتشاجر مع لاعب تدخل عليه بعنف زائد لإيقاف خطورته، ولم يتداول مُحبي كرة القدم مشهد له وهو يمضي ليلة بين كاسات الخمر.
شخصية «صلاح» المثالية تجلت كذلك في موقفه من سارق والده، والذي طلب منه عدم تسليمه للشرطة، بل وساعده على إيجاد عمل شريف له يوفر له معيشة كريمة، كما نشر محبوه لفتته الإنسانية مع الطفل المصري الذي لم يجد قميصًا يحمل إسم نجمه المفضل، فقرر أن يصنعه بنفسه بقلمه الأزرق المُجرد، فما إن رأي صلاح تلك الصورة حتى أرسل إليه قميصًا له أصلي، أدخل الى قلبه السرور، وهو ذات المشهد الذي تكرر مع الطفل الصغير الذي طلب قميصه في مباراة الريدز ضد توتنهام هوتسبيرز.
نجح «صلاح» دون أن يقصد في تصدير صورة إيجابية للمسلمين حول العالم، وهو ما جعل من الطبيعي أن تصادف عيناك أثناء تجولك عبر مواقع التواصل الإجتماعي، من يُريد أن يكون مُسلمًا تأثرًا بما يُقدمه «صلاح».
آخر تلك التجسيدات على ما فعله النجم المصري كانت الأغنية الجديدة التي أطلقها جمهور ليفربول، حيث تغنى جمهور الريدز، في مباراة الأمس ضد بورتو البرتغالي، قائلين:«إذا ما سجل عدد من الأهداف الإضافية، سنتحول مسلمين..الجلوس في المسجد سيكون هو حالنا».
https://www.youtube.com/watch?v=3GsQ1XzTGFI