التدخل المبكر لأطفال التوحد
بقلم د/ دعاء عزام
يعد التوحد من أكثر الإعاقات النمائية غموضا لعدم الوصول إلى أسبابه الحقيقية على وجه التحديـد مـن ناحية ، وكذلك شدة غرابة أنماط سلوكه غير التكيفي من ناحية أخرى . فهو حالة تتميز بمجموعـة أعراض يغلب عليها انشغال الطفل بذاته وانسحابه الشديد، إضافة إلى عجز مهاراته الاجتماعية ، وقصـور تواصـله اللفظي وغير اللفظي ، الذي يحول بينه وبين التفاعل الاجتماعي البناء مع المحيطين به.
فالتوحد في ظل تلك الخصائص يشكل إزعاجا لكل المحيطين بالطفـل ، وتنعكس أثاره بصـورة مباشرة على الطفل مما يؤثر بالتالي على تواصله العام ، واكتسابه للغة ، والأنماط السلوكية ، والقيم والاتجاهات ، وأسلوب التعبير عن المشاعر والأحاسيس ، إضافة إلى أن الطفل التوحدي يظهر أنماطا سلوكية قليلة جدا بالمقارنة مع الأطفال الذين لديهم تقبل اجتماعي جيد .
فالتدخل المبكر في فترة نمو الطفل التوحدي تعطي فرص كبيرة للوقاية من تطور مشكلاته ، كما يعمل على تغيير سلوك الطفل التوحـدي إلى الأحسن .
و لكي يكون التدخل المبكر العلاجي و التأهيلي للطفل التوحـدي فعالا ويؤتى ثمـاره ينبغي أن يبدأ مبكرا ، لأن الكشف والتشخيص المبكر و تنفيذ برنامج التدخل في المهد يوفر فرصا أكثر فاعلية للشفاء المستهدف أو التخفيف من أثار الذاتوية العديدة والمتنوعة ، فالتدخل المبكر في فترة نمو الطفل تعطي فرص كبيرة للوقاية من تطور مشكلاته ، كما أن التدخل المبكر يساعد الأسرة على تخطي مجموعة كبيرة من المشاكل التي سيتعرضون لها.
حيث أن عملية التأهيل تعتبر مسؤولية تقع على عاتق الدولة والمجتمع والأسرة وذلك قصد مواجهة وإيجاد حلول للمشاكل الناتجة عن أطفال التوحد ومحاولة التقليل منها ومواجهتها .
والكشف عن القدرات والإمكانيات لدي أطفال التوحد مهما كانت درجة إعاقتهم لهم دوافع و قدرات وقابليـة للتـعلـم والنـمـو والاندماج في الحياة العادية . لذا من الضروري الاهتمام بالقدرات والإمكانيات و محاولة تنميتها وتطويرها.
اساليب التدخل العلاجي التأهيلي
تعددت النظريات التي حاولت تفسير أسباب التوحد ومع تعدد هذه النظريات تعددت أيضاً الأساليب العلاجية المستخدمة في التخفيف من أثار التوحد العديدة والمتنوعة . ومن هذه الأساليب العلاجية ما هو قائم على الأسس النظرية للتحليل النفسي ومنها ما هو قائم على مبادئ النظريات السلوكية وهناك تدخلات علاجية قائمة على استخدام العقاقير والأدوية كما توجد بعض التدخلات القائمة على تناول الفيتامينات أو على الحمية الغذائية كما يجب التأكيد على أنه لا يوجد طريقة أو علاج أو أسلوب واحد يمكن أن ينجح مع الأشخاص التوحديين كما أنه يمكن استخدام أجزاء من طرق علاج مختلفة لعلاج طفل واحد، وسوف نذكر أهم اساليب التدخل فيما يلي :
اساليب العلاج النفسي.
ليوكانر1943( Kanner Leo ) وهو أول من أكتشف التوحد وحاول تفسير التوحد فرأى أن السبب يرجع إلى وجود قصور في العلاقة الانفعالية والتواصلية بين الوالدين وبخاصة الأم والطفل وبذلك نظر للآباء خلال عقدين من الزمن على أنهم السبب في حدوث اضطراب التوحد لدى أطفالهم , ولذلك ظهرت الطرق والأساليب النفسية في علاج التوحد وقد اعتمدت هذه الطرق النفسية على فكرة أن النمو النفسي لدى الطفل يضطرب ويتوقف عن التقدم في حالة ما إذا لم يعيش الطفل حالة من التواصل و الانفعال الجيد السوي في علاقة مع الأم.
ويركز العلاج النفسي على أهمية أن يجبر الطفل لإقامة علاقات نفسيه وانفعاليه جيدة ومشبعة مع الأم ، كما أنه لا ينبغي أن يحدث احتكاكا جسديا مع الطفل وذلك لأنه يصعب عليه تحمله في هذه الفترة كما أنه لا ينبغي دفعه بسرعة نحو التواصل الاجتماعي لأن أقل قدر من الإحباط قد يدفعه إلى استجابات ذهانيه حادة
كما يقدم العلاج النفسي القائم على مبادئ التحليل النفسي لآباء الأطفال التوحديين على اعتبار أنهم السبب وراء مشكلة أطفالهم حتى يتسنى لهم مساعدة أطفالهم بصورة غير مباشرة
أساليب التدخل السلوكي : تعد برامج التدخل السلوكي هي الأكثر شيوعا واستخداما في العالم حيث تركز البرامج السلوكية على جوانب القصور الواضحة التي تحدث نتيجة التوحد وهى تقوم على فكرة تعديل السلوك المبنية على مكافأة السلوك الجيد أو المطلوب بشكل منتظم مع تجاهل مظاهر السلوك الأخرى غير المناسبة كلياً . وتكمن أهمية أساليب التدخل السلوكي فيما يلي :
أنها مبنية على مبادئ يمكن أن يتعلمها الناس غير المهنيين ويطبقونها بشكل سليم بعد تدريب وإعداد لا يستغرقان وقتاً طويلاً .
يمكن قياس تأثيرها بشكل علمي واضح دون عناء كبير أو تأثير بالعوامل الشخصية التي غالباً ما تتدخل في نتائج القياس.
نظراً لعدم و جود اتفاق على أسباب حدوث الذاتوية(التوحد) فإن هذه الأساليب لا تعير اهتماماً للأسباب وإنما تهتم بالظاهرة ذاتها.
ومن أنواع أكثر التدخلات العلاجية السلوكية شيوعا: ( برنامج لوفاس – برنامج معالجة وتعليم التوحديين وذوى إعاقات التواصل(تيتش)- التدريب علي المهارات الاجتماعية – برنامج استخدام الصور في التواصل(PECS)- العلاج بالحياة اليومي مدرسة هيجاش (DLT)- التدريب على التكامل السمعي (ALT) – العلاج بالتكامل الحسي – التواصل الميسر-العلاج بالمسك أو الاحتضان ( HT)- العلاج بالتدريبات البدنية – التعليم الملطف – العلاج بالموسيقي )
مبادئ التدخل العلاجي :
• هناك مجموعة من المبادئ التي يجب مراعاتها في استخدام أي برنامج علاجي وهى:
• التركيز على تطوير المهارات وخفض المظاهر السلوكية غير التكيفية.
• تلبية الاحتياجات الفردية للطفل وتنفيذ ذلك بطريقة شمولية ومنتظمة وبعيدة عن العمل العشوائي.
• مراعاة أن يكون التدريب بشكل فردى وضمن مجموعة صغيرة.
• مراعاة أن يتم العمل على مدار العام .
• مراعاة تنويع أساليب التعليم.
• مراعاة أن يكون الوالدين جزء من القائمين بالتدخل .