الصحافة رسالة’ مش’ حصالة’
بقلم _ هلال زايد
تعلمنا في بلاط صاحبة الجلالة، أن الكلمة أمانة، والحروف، لا تمحي، والتاريخ لا يرحم، والكرسي لا يدوم، وقول الحق في وجه كل ظالم، لا اعرف ماذا دفعني الٱن لكتابة هذه السطور فبعدما عدت من صلاة الفجر بالمسجد، حاولت جاهدا النوم، ولكن عقلي لم يكف عن التفكير، فتذكرت نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي وتحديدا عام 1997، عندما بدأت أولي خطواتي في بلاط معشوقتي، صاحبة الجلالة، والعظمة كما أحب أن أسميها، عندما كنت أدرس في كلية الآداب قسم صحافة وإعلام بجامعة الزقازيق تحت رئاسة العظيمة الراحلة د. نوال محمد عمر،
وكانت د. أسما حسين حافظ تتولي قسم التدريب ونحن بالفرقة الثالثة، وطلب منا أن نختار المكان الذي سنتدرب فيه، كنت محددا ولا أعرف العشوائية كما خطط لحياتي، واخترت التدريب بجريدة الجمهورية، محبوبتي، مفضلا إيها عن التليفزيون، وبقية الصحف القومية، والحزبية، حينها، مع كامل إحترامي لجميع الكيانات، أسير دائما علي نهج سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، إستفت قلبك ولو افتاك الناس، وفي جريدة الجمهورية تتلمذت علي أيدي عظماء المهنة، كان سمير رجب يرأس تحريرها، والأساتذة، محمود معروف، وعبداللطيف خاطر، عبدالفضيل طه، خالد السكران، وفاطمة كريشه، وسمير عبدالعظيم، وغيرهم ممن أدين لهم بالفضل، وبعضا مما تعلمت أن لا يبهرك المصدر مهما كانت نجوميته أو سلطته، ولا تخشي في الحق لومة لائم، الحفاظ علي مظهرك وجوهرك، عزة نفسك، وصون كرامتك، لأنك تمثل أمة، وغيرها الكثير والكثير، ليس المجال هنا لحصرها، ثم إنتقلنا للفرقة الرابعة، وهنا قررت التدريب والعمل برائدة الصحافة الإقليمية، جريدة أخبار الشرقية، كان يرأس تحريرها محمد سليمان فارس الكلمة، وعميد الصحافة الإقليمية، وتتلمذت فيها أيضا علي أيد عظماء منهم حسين فتحي، أحمد العطار، وعلي معالي، مع حفظ الألقاب.
وأتذكر إحدي محاضرات رئيس التحرير حينها، حول القلم أقوي من المدفع والصاروخ، وربما يكون إسمك أكثر شهرة منك، فالناس وقتها يعرفون إسم الكاتب ولا يعرفون شكلة، حيث قال: ربما تكون يوماً ما صحفي مشهور جدا والناس لا يعرفونك فمثلا لو كنت ماشيا بجوار إحدي الراقصات! فيتسائل العامة من هذا؟ الذي يسير بجوار النجمة، لم تكن وقتها التكنولوجيا وصلت إلي ما وصلنا إليه الآن فالصحفي لا يملك كاميرا حينها، وعندما كان يذهب، لإجراء حوار او مقابلة مع مسئول، كان يصطحب مصور من قسم التصوير، ولا يسمح غير بالصور الموضوعية فقط التي تخدم علي العمل الصحفي، ثم انتقلت فور تخرجي للعمل بجريدة النبأ الوطني، رائدة الصحافة المستقلة، وكنت أرؤس قسمي الحوادث والمحافظات، وكان يرأس تحريرها الراحل ممدوح مهران، وتتلمذت أيضا علي أيدي عظماء، منهم علي جمال الدين، اسحاق روحي، أحمد جلال، مسعد جلال، محمد أمين، دندراوي الهواري، وتزاملت مع فتحي الشافعي، ومعتز الشامي، ومحمد فوده، وخالد مصباح، ومحمد سعيد، وعمر البدري، أحمد الدرملي، وأحمد الخولي، وهيثم زينهم عيسي، محمد عبدالفتاح، وحماد الرمحي، ونجلاء ابو النجا وهويدا علي، وتعلمت منهم الكثير والكثير ، ثم إنتقلت للعمل بجريدة فيتو مع رئيس تحريرها المبدع عصام كامل، وكوكبة من الزملاء والأساتذة الذين أدين لهم بالفضل، ثم العمل بقنوات cbc, dmc, لا زال الكفاح مستمرا وغيرها وهذا ما دفعني الآن للتعجب ممن يهوون المهنة أو يدخلونها لغرض ما، أو بمحض الصدفة، فكل ما يعرفونه حاليا إلتقاط الصور مع المسئولين، ووضعها علي صفحات التواصل الاجتماعي، لأغراض عدة، يعلمها الكثر، وأغراض لا يعلمها إلا الله، ناهيك عن إبتزاز للمواطن والمسئول علي حد سواء، دون حسيب، أو رقيب، ولأن قديما كانت تعتمد الصحافة علي الموهبة أكثر من المؤهل، والملكة أكثر من الوساطة، كان عدد الممارسين قليل، أما الآن مع ثورة التكنولوجيا، سار الأغلب صحفي أو إعلامي، من خلال صفحة فيس بوك، دون رقيب أو حسيب، فالحكومة لا تحاسب إلا موظفيها، ولكن القطاع الخاص والسبوبة خربت الكثير والكثير من المباديء والقيم، فقديما كان من يحصل علي فرصة للتدريب أبو زيد خاله كما يقولون، ولكن الٱن، أعرف من كان مصدرا وصار صحفيا، ومن كان مرتشيا، وصار إعلاميا، وغيرهم الكثير الذين لا تطولهم، أيدي الحساب والعقاب، ولربما كان كل أرشيفة عددا من الصور مع المسئولين دون أن تنشر له كلمة واحدة سوي الشكر علي صفحات التواصل الاجتماعي ، بعد تلقي الخدمات، والعكس تمامآ، وهو الزم والتشهير إذ لم يحصل علي ما أراد، ناهيك عن، الكيانات الوهمية التي تبيع عضويات لمن يدعي الصحافة، ولا أحد يحاسبهم حتي كتابة هذه السطور.
فلايشترط أن يكون الصحفي عضو نقابة الصحفيين، فالنقابة للحساب، والعقاب، والإثابة أيضا، ولكن المهنية والأمانة، قبل كل شيء، فحافظوا علي سمعة الصحافة والإعلام، ولا تدقوا المسمار الأخير في نعشها، فلنسموا بالمهنة ولنحافظ علي ما قدمه الأوائل من عظماء وجهابذة صاحبة الجلالة والعظمة، وطهروها من الدخلاء، فالباب المفتوح أمام كل من هب ودب إهدار للكرامة، وأهمس في أذن المتطفلين الصحافة لا تغني أبنائها الذين أفنوا حياتهم من أجل الرسالة، ولكنها تغني المرتزقة والمدعين الباحثين عن أهدافهم الشخصية، وخلافة، ، فأبناء المهنة الحق يعلمون جيداً أنها لا تغني ولا تسمن من جوع، ولكنها رسالة أقرب لرسالة الأنبياء، فهي حقا رسالة وليست حصالة، وأنا هنا لا أتحدث عن رحلتي كاملة في بلاط صاحبة الجلالة ولكنها مقتطفات، وللحديث بقية إن كان في العمر بقية