بعد إلغاء التمويل العقاري وتمويل المشروعات الصغيرة.. حلول وسط بين توصيات الصندوق ومتطلبات الحماية الاجتماعية
تقرير – محمد عيد:
في عام 2017 أوصى صندوق النقد الدولي بإلغاء مبادرات البنك المركزي للإقراض بفائدة منخفضة، مثل مبادرتي التمويل العقاري وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لما في هذا من تشويه لحركة السوق المصرفية بالإضافة إلى احتمالات تعثر أعلى للمقترضين وفق هاتين المبادرتين.
من ناحية أخرى كان المدافعون عن المبادرتين يرون أنهما جزء أصيل من برنامج الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى دورهما في تنشيط حركة الاقتصاد في كافة القطاعات، خاصة التشييد والبناء والصناعة والزراعة والتجارة.
في أول شهر من عام 2019 أعلن المركزي “حله الوسط” حيث أوقف تمويل النشاط التجاري فقط بمبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة واستمرار تمويل باقي الأنشطة الأخرى، كما أوقف أمس مبادرته لدعم التمويل العقاري الخاص بمتوسطي ومرتفعي الدخل، والإبقاء على دعم محدودي الدخل.
وأطلق المركزي في 2014 مبادرة التمويل العقاري بقيمة 20 مليار جنيه، بفائدة ما بين 5% و7% لمحدودي الدخل، كما أطلق مطلع 2016 مبادرة لتعزيز فرص تمويل الشركات الصغيرة، معلنا أنه سيضخ 200 مليار جنيه لدعم تلك المشروعات بسعر فائدة لا يزيد على %5 سنويًّا، لتوفير السيولة لنحو 350 ألف شركة سنويًا، ويساعد على إيجاد فرص عمل لنحو 4 ملايين مواطن.
وتتراوح الفائدة السوقية لدى البنوك حاليا بين 18% و21%.
واستحوذ النشاط التجاري على أكثر من 40% من تمويل مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تعدت قيمتها أكثر من 100 مليار جنيه بنهاية 2018، ووقف تمويل هذا النشاط بفائدة منخفضة سيدفع البنوك إلى تقديم تمويلها إلى المشروعات الزراعية والصناعية، كثيفة العمالة، والتي تُقدم قيمة مضافة أعلى للاقتصاد.
من ناحية أخرى ستستمر مبادرة دعم التمويل العقاري الخاص بمحدودي الدخل، والتي تعتمد عليها الحكومة بشكل كبير في إشغال وحدات إسكان محدودي الدخل التي تقوم ببنائها، فمن الصعب أن يقوم محدودو الدخل، الذين لا يتجاوز دخلهم 4200 جنيه، بسداد أقساط وحدات سكنية تجاوز سعرها الـ400 ألف جنيه في 5 أو 7 سنوات فقط، لذا فمبادرة التمويل العقاري التي تمنحهم مهلة طويلة للسداد تبلغ 20 عامًا، هي الحل الأمثل، وهي جزء مهم في منظومة الحماية الاجتماعية، ومن المأمول أن تقوم وزارة المالية بسداد فارق دعم الفائدة دون أي أعباء على البنك المركزي.
تتوقع الحكومة أن تحصل على شريحة قرض الصندوق الخامسة، وقبل الأخيرة، خلال فبراير المُقبل، بعد تأكد الصندوق من سير مصر على طريق الإصلاح، وعلينا أن ننتظر الشريحة الأخيرة لنعرف هل تستمر مصر في إيجاد الحلول الوسط بين متطلبات الواقع الاجتماعي والاقتصادي وتوصيات زملاء كريستين لاجارد؟ أم سيكون هناك طريقة أخرى لإيجاد الحلول؟