” خطبت فتاة فقال لي صديقي أنا سأخطبها لنفسي”.. ما حكم خطبة الرجل على خطبة رجل آخر؟
آمال طارق
وجه شخص سؤال إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، يقول فيه: “قلت لصديقي إني خطبت فلانة فقال لي إني سأخطبها لنفسي فقلت له : إن ذلك حرام فهل أنا محق فيما اقلت ؟”
وجاءت إجابة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، كالآتي:
الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم)
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة ( لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)٠
حقوق أوجبها الإسلام للمسلم على أخيه المسلم
وبعد : فقد جعل الإسلام للمسلم على أخيه المسلم حقوقا ولا يكتمل إيمان المرء إلا بأداء هذه الحقوق.
من هذه الحقوق على سبيل المثال عدم بيع المسلم على بيع أخيه، وعدم شرائه على شراء أخيه ،وعدم خطبته على خطبة أخيه وعدم عقده عقد نكاح على أمرأة أخيه وغير ذلك من الحقوق الكثير.
وبخصوص واقعة السؤال نقول :
روى الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم :(لا يبع الرجل على بيع أخيه ،ولا يخطب على خطبة أخية إلا أن يأذن له).
واخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر قال : قال إن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قال :(المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن ان يبتاع على بيع أخيه ،ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر ).
وروى الترمذي عن أحمد بن منيع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(لا يبع الرجل على بيع أخيه ،ولا يخطب على خطبة أخيه )
حكم خطبة الرجل على خطبة غيره
والمعنى العام الذي دلت عليه الأحاديث السابقة كما قال الإمام النووي هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه، واجمعوا على تحريمها إذا صرح أولياء المخطوبة للخاطب بقبول خطبته ولم يأذن الخاطب الأول للخاطب الثاني ولا يزال الخاطب الأول مستمرا في خطبته أي لم يترك التي خطبها.
اما إذا أذن له الخاطب السابق، أو ترك الخطبة، وفسخها ولم يعد خاطبا كانت خطبتها جائزة.
وتحريم الخطبة اللاحقة لوجود خطبة قبلها سابقة على الرأي الراجح تحريم عام أي بغض النظر عن ديانة الخاطب الأول ومعني ذلك لو أن مسيحيا خطب مسيحية مثله فلا يجوز لمسلم بعد ذلك أن يخطبها ومن ثم يكون التعبير الوارد في الأحاديث السابقة (خطبة أخيه) جري على الغالب ليس له مفهوم مخالفة.
وعلى الراجح أيضا تحرم الخطبة الثانية سواء كان الخاطب السابق فاسقا أو دينا فإن فسقه لا يحل غيره من الخطبة على خطبته، حيث يبوأ بإثم فسقه بينه وبين ربه ولا يسقط حقوقه قبل غيره.
ما تقدم من تحريم الخطبة على الخطبة محله إذا أجيبت الخطبة الأولى وركن أحدهما إلى الآخر أما إذا كانت الخطبة الأولى لم يجب الخاطب فيها بالقبول ولا بالرفض بإن كان الأمر لا يزال محل مشاورة بين عائلة المخطوبة وأعطوا لأنفسهم فرصة للرد فإذا تقدم خاطب آخر في هذه الأثناء لخطبة هذه الفتاة فإنه على الرأي الراجح تكون الخطبة الثانية جائزة غير منهي عنها.
ويستدل على ذلك بحديث فاطمة بنت قيس : حيث جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أبا جهم بن حذيفة ومعاوية بن أبي سفيان خطباها فقال صلى الله عليه وسلم: (أما أبو جهم فرجل لا يرفع عصاه عن عاتقه” أي ضراب للنساء” وأما معاوية فصعلوق لا مال له، ولكن أنكحي أسامة بن زيد).
ففاطمة لم تخبر الرسول برضاها لواحد منهما ولو أخبرته لم يشر عليها بغير الذي ذكرته.