الرأي

(ابني) ليست مجرد كلمة

احمد صبري يكتب:

 

لأول مرة سأكتب عن موضوع شخصي و لكني أردت أن أشارككم فيه .

ففي يوم ٢٧ فبراير عام ٢٠٠٧ من علي الله سبحانه و تعالي بأعظم هديه فقد رزقني بطفل آية في الجمال أسميته محمد و عندما ولد لم أتمالك نفسي من الفرحة فقد بكيت فرحا عندما رأيته لأول مرة فقد كان شعورا غريبا و جديدا علي و أكبر من شعور الحب لقد تعلق قلبي بهذا الصغير بشكل لا يوصف و كنت سعيدا و فخورا به لأقصي درجة و أخذته بين أحضاني و أنا أنظر إليه و أراقبه راجيا المولي عز و جل أن أراه رجلا ناجحا ففي هذا اليوم لم يولد إبني فقط و لكن ولد إبني و أخي و صديقي الحقيقي .
و كنت أتمني أن أعلمه كل شيء أعرفه و ألعب معه و أفعل معه كل شيء و وجدته ينام مثلي و يتصرف مثلي و يحب ما أحبه و كل هذا بالفطرة و يكبر أمامي و يزداد تعلقي به فقد كنت أتحدث معه كما لو كان رجلا كبيرا..أتكلم معه و أحاوره حتي قبل أن يتعلم الكلام..كنت أجهز له رضعته و أرضعه..كنت أغير له حفاضته و ملابسه ..و كنت أحممه نعم كنت أفعل له كل شيء و عندما يبتعد عني أشعر و كأن قلبي قد خلع من بين ضلوعي .
لا أنسي إرتباطه و حبه لوالدي رحمه الله و كيف وقف هذا الصغير الذي لم يتجاوز عمره الأربعة أعوام بجانبي أنا الكبير يوم وفاة والدي و كيف كان يواسيني و يهون علي و يبكي بمفرده حتي لا اراه و كان محمد أخر من تكلم مع والدي تليفونيا دون ان اعلم و كان محمد يريد دائما أن يصبح طبيبا للأسنان مثل جده .
فقد علمني هذا الصغير كيف أكون أبا فالأبوة ليست بالتعود كما يقولون و لكنها بالفطرة كالأمومة تماما .
و علمني كيف أنظر للحياة بشكل مختلف..علمني أن أتخطي الصعاب فقط لأنه معي..علمني كيف أكون قويا للدفاع عنه و اكون سندا له..علمني الكثير و الكثير .
لا أنسي كيف كنت أراقبه و هو نائم .. لا أنسي عندما كنت أستيقظ ليلا لا لشيء إلا للإطمئنان عليه..لا أنسي طريقة أكله .. لا أنسي ما يحبه..أتذكر دائما تفاصيل تفاصيله التي لا تفارقني..أتذكر عندما خطي أولي خطواته..أتذكر إبتسامته و كلامه .
عفوا للإطالة .. عفوا لأنني أكتب بصيغة الماضي ..أعذروني فأخر مرة رأيت فيها ابني كانت منذ ثلاثة سنوات لمدة ساعتين .. أعذروني فأنا أسمع صوته أربع مرات شهريا لمدة لا تتجاوز الدقيقة و لا أملك غير أن اسأل نفسي كيف أصبح؟كيف يتكلم؟كيف يفكر؟كيف يعيش بدوني لأنني للأسف لا حياة لي بدونه لأنه هو الحياة . و انا للأسف لا أعلم حقيقتا كيف أصبح شكله فلا أملك له صورة منذ ثلاث سنوات و لا أخفيكم سرا انني كنت ادخل لصفحة مدرسته علي الفيس بوك لأبحث عن اي صورة له و لكن دون جدوي و كم طلبتها منه و لكنه لم يرسلها و لا ألومه و اصلا لا يستطيع أن يرسلها فقد حرمت حتي ان أكون صديقا عنده علي مواقع التواصل الإجتماعي ..حرمت حتي من رقم تليفونه كما حرمت أن اراه . و لتعلموا انني بذلت و مازلت ابذل كل ما في وسعي كي أراه.
و لا أملك غير ان أقول حسبي الله و نعم الوكيل و أنني فقط احلم و اتمني أن أخذ ابني في حضني لمرة حتي لو كانت الأخيرة فلحظة واحدة في حضن إبني تكفي عمري و تفيض عليه .
فيا أمهات مصر لا تفعلن هذا بأبنائكم و بأبائهم
و يا اباء مصر لا تفعلوا هذا بأبنائكم و بأمهاتهم
و يا مصر لا تفعلي هذا بأبنائك
رفقا أيها القانون..رفقا بتسعة ملايين طفل و بأبائهم و أمهاتهم
و في النهاية كل سنة و أنت طيب يا محمد يا أخي و صديقي الوحيد و ليس إبني فقط و كل ما أطلبه منك أن تتذكرني و لا تنساني أحبك و سأظل أحبك
فكلمة إبني ليست كلمة و لكنها..حياة
زر الذهاب إلى الأعلى