محمد ابو النجا يكتب :تجديد الخطاب الديني بين الحاجة والترف
كثيرا ما ينظر المصريون بمختلف الفئات والأوساط والثقافات إلي دعوات تجديد الخطاب الديني المتكررة من قبل الدولة والنخبة علي أنها نوع من البزخ الفكري أو بالسخرية والتهكم أحيانا فنري تسفيها لتلك الدعوات تحت مسمي ( يعني اية تجديد الخطاب الديني ؟؟!! دين جديد مثلا !! ) أو يصل التماهي في تحريف الدعوة والأستخفاف منها إلي أنها دعوات ضد الدين والإسلام وغيرة من إسطوانات مشروخة وحجج فارغة .
ودون الخوض في معاني ومقاصد التجديد وحدودة وأهدافة وإن كنا قد فصلناها في مواضع مشابهة بمقالات سابقة إلا أننا في هذا الموضع تحديدا نريد أن نسلط الضوء علي زاوية أخري نراها أكثر إلحاحا من الواقع المنظور فجميعنا يتجاهل أو يتناسي الحديث حول ازمتنا كمجتمع مع مفهوم الدين .. ماذا يمثل في حياتنا ؟؟ وبعيدا عن السيمفونيات التاريخية بأننا أكثر الشعوب تدينا وتمسكا وو و و .. إلي أخرة من تابلوهات ثابتة من الشعارات الصلبة التي تفتقد إلي الحياة فالواقع يضج بحالة من التدين الظاهري المصطنع لا تراة إلا في المسابح وزبيبة الصلاة والهرولة إلي المساجد وفي أقوال .. ما تصلي بينا ع النبي .. وماتوحد الله وخليها ع الله .. وقول يارب لكن قلما تجدها في سلوك بائع لا يغش أو مشتري لايبخس أو عامل يتقن لا يهمل أو جار يحسن أو صديق يصدق أو حق لطريق أو عمل أو غيرة من فرائض مهجورة وغائبة .
والحقيقة أن الشرائع ماكانت لتأتي من السماء ليحولها أهل الأرض إلي مسرحيات يتحرك فيها البشر كدمي بين المساجد والكنائس بلاروح أو تهذيب لكن الأصل والعلة في إصلاح النفس وصونها وجعلها مهذبة نافعة لنفسها ومجتمعها وبذلك تكون قد أدت رسالة ربها .
من الظواهر المزعجة أن يتحول أداء العبادات إلي حالة تحصيل حاصل .. فكفار قريش مثلا بسؤالهم عن معتقداتهم قبل الإسلام قالوا وجدنا أباؤنا لها عابدون لم يرهقوا عقلهم ولافكرهم قليلا في تأمل أصنامهم وتماثليهم وما آلوا إلية من ضلال لكنهم ظلوا بعنادهم وكفرهم في طغيان يعمهون فنري الكثير من رواد مساجدنا تحولت معهم العبادة إلي عادة أو كنوع من البرستيج أو الوجاهة ليقال كذا وكذا … وبعدها يعود إلي زيغة وترفة بالتأكيد أنني لست في موضع المحاسب للبشر فالله وحدة ” سبحانة وتعالي ” من يحاسب الناس علي نواياهم وأفعالهم لكن قضيتنا أويما يهمنا في الأمر هو ما يتعلق بسلوك الأفراد وإحتاكتهم بمجتمعهم أنا جارك وصديقك وزميلك ماذا قدمت لي من صلاتك ؟؟ أو بالأصح ما مردودها عليك من سلوك في تعاملاتنا .. وبلا إطالة كل ذلك يستدرجنا إلي مانراه من حالة يرثي لها من تدني مستوي الخطاب الديني لأئمة الأزهر والأوقاف تستوجب وقفة حقيقة وإحتياج ملح لإعادة صياغة الخطاب الديني (وهنا لا نقصد تجديدا بعينة حول خطاب محاربة التطرف أو الأرهاب وإن كنا نراة واجبا ) لكن دعونا نري الصورة بشكل أرحب وأشمل .
الكثير من المصلين الأن يرتادون المساجد ويستمعون لخطبة الجمعة وهم في حالة ” توااهان ” فتري المصلين في واد والخطيب في واد آخر فالخطيب في عالمة من الموضوعات المتكررة ولغتة الركيكة الضائعة ومعلوماتة الضئيلة يصعد المنبر كموظف يؤدي واجبة بالكاد مثلة مثل أصحاب المكاتب والكروش والملفات والمستندات لا ينقصة إلا ” روح وتعالي بكرة ياسيد ” فيزوغ أمامة المصلون في دناياهم وهمومهم ويخرجون من جمعتهم ودرسهم صفر اليدين .
ولو سألت أحدهم بعد الصلاة ما موضوع خطبة اليوم لن يتذكر شيئا أو يجيبك أصلا !!
وإن حدث سيكون عن فقة الجنازة أو الغسل أو خطب المناسبات المغلفة أو موضوعات الأوقاف ” العادمة ” والموجهه .
إذا سألت المصلي لأجابك بأنة لا يري من الخطيب جديدا يشرح صدرة ويفتح أمامة أفق جديد من المعارف الدينية أو ما يمس واقعة وحياتة ومشكلاتة اليومية فأمام سرعة الزمن وما جد من مستحدثات معرفية ساهمت في صياغة وتشكيل وعي جديد قد سئم الناس الخطاب التوجيهي المباشر المرغب والمرهب أو الأمر والناهي أفعل أو لا تفعل لم يعد عندهم ذا جدوي فهم أحوج لخطاب جديد غير مفصل أو موجهة يمس قضاياهم ويعالج مشكلاتهم فتتعلق به قلوبهم .
والأئمة والخطباء متروكون بمعلوماتهم الضئيلة والمحدوة بلا تأهيل أو تثقيف أو تدريب فمعظمهم إنقطعت علاقتة بالقراءة والإطلاع بعد تخرجة ليصبح موظفا رتيبا مثلة كأي موظف أخر مهموم بالبحث عن لقمة العيش ومشاكل الحياة والعمل عندة مصدر دخل ولو بسيط ومجرد تحصيل حاصل .
المشكلة كبيرة ولها زاوية أخري يراها المسلم العادي البسيط ناقصة في إشباع نفسة إيمانيا وتزويدة فكريا بالمعرفة الدينية المشكلة ملحة ومؤرقة وتحتاج لوقفة سريعة من المؤسسات الدينية لحلها وهي ليست قاصرة علي ما يروج الأن من دعوات للتجديد … إبحثوا .. وأهتموا .. بالناس وما أفتقدوة فيما كانوا يعتقدون بة صفاء نفوسهم وسمو أرواحهم وطوقهم إلي الله من هموم الدنيا ومأسيها .