fbpx
الرأي

محيي النواوي يكتب_هل كان الأستاذ هيكل متناقضًا ؟

لعلي كنت علي صواب حين رفضت وأنا رئيسًا لتحرير مجلة “صوت حقوق عين شمس” أن يكون شخصية العدد هو الأستاذ “هيكل” ليس لخلاف شخصي أو ما شابه، وإنما لأنني كنت متوقفًا أمام الكثير من التناقضات فى كتابات الأستاذ “هيكل”.
ولو أنني وافقت وقتها الزملاء فى الرأي بأن يكون الأستاذ “هيكل” هو شخصية العدد، لكنت الآن لا أستطيع أن أختلف معه فى رأي أو أتناقش فى ما كتبه.. ومن ثما كنت سأكون مسجونًا فى “سجون الصمت” ولو تحدثت أو كتبت لكنت واقعًا بين ثلاث كوارث.
الكارثة الأولى: وهى “التناقض” لأنني وافقت على أن يكون الأستاذ “هيكل” هو شخصية العدد.. فكيف أرتضيت أن يكون كذلك؟… ومن بعدها أختلف معه!
الكارثة الثانية: وهى “أنني سأكون ممن يريدون أن يتسلقوا سلالم الشُهرة على حساب الأستاذ “هيكل”
أما الكارثة الثالثة: “أنني إذا إختلفت مع الأستاذ “هيكل” بعد أن وافقت على أن يكون شخصية العدد مبررًا ذلك بأنني لم أكن مطلعًا بالقدر الكافى على كتاباته.. فهذا التبرير كان سيضعني بين إتهامين.”
الأول: “أنني غير مُطلع وغير مُلم بالشخصية التي تم إختيارها لتكون شخصية العدد”
الثاني: “أنني سأكون بلا رأي أو رؤية لو وافقت على ذلك وبعدها بررت الموقف بأي نوع من أنواع التبرير وهذا غير مقبول.”
ذات مساء أخذنى عقلى إلى سؤال نتيجة كثير من آراء وكتابات الأستاذ “هيكل”.. وهو: “هل كان الأستاذ هيكل متناقضًا؟..”
ويمكنني الإجابة بكل ثقة بأن الأستاذ “هيكل” كان متناقضًا فى كثير من الكتابات وكثير من المواقف.
فقد تري الأستاذ “هيكل” فى الحقبة الملكية “فاروقيًا” وترى الأستاذ “هيكل” فى الحقبة “الناصرية”.. “ناصريًا ومؤيدًا لمبادىء الثورة”!
وتراه فى الحقبة “الساداتية”.. داعمًا ثم مهاجمًا بعد خلاف!
كانت بداية التناقضات عند الأستاذ “هيكل” حين نشر مقال “فى يوم عيدك يا مولاي” عام (١٩٤٤م) فى جريدة “روز اليوسف” ويستطيع الكثيرين الإطلاع عليه.
فمن سيقرأ المقال سيصاب بحالة من الذهول لما يحمله المقال من عبارات مديح لا حصد لها!
ولو أن الملك “فاروق” أستمر أكثر فى الحكم لتحول هذا المديح إلى تمجيد بل وأبعد من ذلك بكثير فقد تعامل الأستاذ “هيكل” مع “الملك” وغيره بمبدأ: “عاش الملك.. مات الملك!”
فقد تحول الأستاذ “هيكل” من مديح “الملك” إلى مديح “الثورة”.
كان الأستاذ “هيكل” يري فى الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” الأسطورة وكان يري فى المشروع “الناصري” قدر ما كان يري فى “عبدالناصر”.
ثم عندما وصل “السادات” إلى الحكم وصفه بعبارات تمجيد مثل: “سيظل السادات قائدًا تاريخيًا لشعبه، وهى قيادة تتضاءل أمامها كرسي الرئاسة”
ووقف معه فى القضاء “على مراكز القوى” قاضيًا على “الناصرية”.
كان الأستاذ “هيكل” يري فى “السادات” أنه القائد التاريخي الذي يتضاءل كرسي الرئاسة أمام قيادته.. وفى “خريف الغضب” وصف “السادات” بأنه يعطى ولاءه لأول شخص أقوى منه تضعه الظروف أمامه.
فقد كان السادات “قائدًا” حين كان الأستاذ “هيكل” راضيًا عنه وقد كان السادات “تابعًا” حين كان الأستاذ هيكل غاضبًا عليه!
يالها من مفارقات مذهلة!
كان الأستاذ “هيكل” يري فى من ينتقدون الحكام بعد موتهم بأنهم جبناء ويعربدون كالفئران، وقد نشر مقالًا فى جريدة “الوطن الكويتية” عام (١٩٧٩م)أتهم فيه “من ينتقدون الأموات بأنهم جبناء لأنهم لم يمارسوا شجاعتهم إلا على الغائبين وأن الفئران تعربد فى غياب القطط، ولم يكن عبدالناصر قطًا وإنما كان أسدًا.”
هكذا كان يري الأستاذ فى من ينتقدون الحكام بعد موتهم.. فهل طبق الأستاذ “هيكل” تلك الكلمات على نفسه حينما هاجم “السادات” أم كان هجوم غيره على الأموات “جبن” و “عربدة فئران” وهجومه هو “شجاعة” وليس “عربدة فئران”!
كان الأستاذ متناقضًا أي أبعد الحدود حتى وصل التناقض إلى نفسه.
كان لدينا “فاروق”واحد و”عبدالناصر” واحد وكان لدينا “سادات” واحد.
ولكن كان لدينا “هيكل فاروق.. وهيكل ناصر.. وهيكل السادات”!
وبين هؤلاء كان “التناقض” حاضرًا وبقوة.

زر الذهاب إلى الأعلى