fbpx
الرأي

من هو الجندى الإسرائيلى الذى لُفَ جثمانه بعلم مصر

كتب : ياسر بدرى
تمر علينا هذه الأيام ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة و ما تحويه هذه الذكريات من بطولات عظيمة سطرها أبطالها بدمائهم الذكية، و ضحوا بأرواحهم فى سبيل تحقيق العزة و الكرامة لنا، و لذلك وجب علينا أن نسرد قصصهم لأولادنا والتى يجب أن يعلمها كل مصري و مصرية و أن تُدرس لأولادنا فى المدارس ليعلموا أولادنا من هم القدوة الحقيقيون.
فمعنا اليوم قصة من أغرب القصص ألا و هى قصة الجندى الإسرائيلى الذى تم لفه بعلم مصر و دفنه فى الأراضى المصرية وهو الجندى الإسرائيلى “موشى زكى رافى” أو الجاسوس والبطل المصري “عمرو طلبه”.
و سوف نسرد لحضراتكم ما تم جمعه حول هذا البطل ، فالحكاية تبدأ منذ عام 1969 بعد النكسة بعامين حين فكرت المخابرات المصرية بزرع جاسوس مصري داخل المجتمع الإسرائيلي، فقامت المخابرات المصرية بإختيار الشاب ” عمرو طلبة ” الذى انتحل شخصية شاب يهودى إسمه ” موشي زكى رافيء ” قد توفى فى مستشفى المبرة فى طنطا ولم يستدل على أحد من أقاربه لإبلاغهم بخبر وفاته فأستغلت المخابرات المصرية الأمر .
قامت المخابرات المصرية بتدريب “عمرو” على أجهزة اللاسلكي وأخذ الكثير من الإختبارات من أجل إجادة اللغة العبرية، حيث آن الآوان و رأت المخابرات المصرية بأن “عمرو” أصبح قادرا على التوغل داخل المجتمع الإسرائيلى أُصدرت الأوامر المصرية لهذا البطل بالإستعداد للسفر، فترك “عمرو ” أهله وخطيبته بحجة أنه مسافر إلى بعثة عسكرية فى موسكو لكنه إتجه إلى اليونان للبدء مع جهاز المخابرات مشواره .
عند وصول ” عمرو ” اليونان تظاهر بأنه يبحث عن عمل فتعرف على بحار يهودى الديانة سهل له العمل على نفس السفينة التى يعمل بها وعرض عليه الهجرة إلى إسرائيل حيث كان “عمرو” دائم التظاهر أمام البحار اليهودى بأنه يحلم بالهجرة لإسرائيل أرض الميعاد كما يزعمون .
تقدم ” عمرو ” بطلب للهجرة إلى إسرائيل لكنه تتعرض للعديد من المضايقات، فقضى فى أول الأمر وقتاً داخل معسكرات المهاجريين وتم تعليمه اللغة العبرية بشكل أوسع حتى يستطع التعايش فى المجتمع الإسرائيلى، و أثناء وجوده بالمعسكر تعرف داخل المعسكر على رجل عجوز ساعده وأعطاه عنوان قريب له يهودى يسكن فى القدس من أجل توفير عمل له .
ويبدأ عمرو مشواره بالعمل في القدس في مستشفى يتعرف على احد أطبائها ولأنه لبق تظاهر بأنه خدوم للغايه فقد نجح فى توطيد علاقته بهذا الطبيب لدرجه انه اقام معه، ومع انتقال الطبيب إلى مستشفى جديد فى ضاحيه جديده بعيدا عن القدس ينتقل “عمرو” بدوره إلى تل أبيب حيث يعمل هناك كسكرتير في مكتبه مستغلا وسامته في السيطرة على صاحبتها العجوز المتصابية فتسلمه مقادير الأمور داخل المكتبه مما يثير حنق العمال القدامى عليه.
ومن خلال عمله وعن طريق صاحبه المكتبة يتعرف على عضوه بالكنيست الإسرائيلى تُدعى ” سوناتا ” تقع فى هواه هى الاخرى وتتعدد اللقاءات بينهما مما يعطى الفرصه لعمال المكتبه لكشف الأمر أمام صاحبه المكتبه فتثور وتطرده و ينتقل للاقامه في منزل ” سوناتا” فعلمت صاحبة المكتبة بأن حبيبها القديم ذهب للعيش مع عضوة الكنيست، فأبلغت عنه المخابرات الحربية الإسرائيلية بأنه متهرب من الخدمة العسكرية فى الجيش، فألقت المخابرات القبض عليه، كل هذا ورجال المخابرات يتابعون الموقف أولا بأول عن بعد دون أن يحاولوا الاتصال به.
استغلت “سوناتا” عضوة الكنيست علاقاتها في الإفراج عن “عمرو” ثم ساعدته أيضا بنفوذها في أن يتم تعينه في احد المواقع الخدمية القريبة من تل أبيب كمراجع للخطابات التى يرسلها المجندون داخل الجيش الاسرائيلى باعتباره يهودي عربي يجيد القراه باللغة العربية، وهنا تبدأ مهمة “عمرو” فوظيفته داخل الجيش أطلعته على الكثير من المعلومات المهمة.
فى ذلك الوقت أرسلت له المخابرات المصرية جهاز لاسلكي معقد ليوصل به المعلومات إلى القيادة فى مصر، ومع اقتراب العد التنازلي لحرب أكتوبر المجيدة وحاجه القيادة في مصر إلى معلومات عن مواقع الرادارات والكتائب ومنصات الصواريخ الاسرائيليه تم إصدار الأوامر إلى “عمرو” بافتعال مشكله كبيرة مع عضوة الكنيست املآ في أن يدفعها غضبها إلى استخدام نفوذها لنقله إلى سيناء حيث تتوافر المعلومات بصوره أكثر وضوحا.
وبالفعل نجحت المحاولة وتم نقله إلى منطقه مرجانه في سيناء وبدا عمرو في إرسال معلومات شديدة الاهميه والخطورة عن مواقع الرادار والصواريخ المضادة للطائرات ومخازن الذخيرة ومواقع الكتائب الاسرائيليه.
وفى الساعة الثانية إلا عشر دقائق ظهر 6 أكتوبر تلقى “عمرو” و المُلقب بالعميل 1001 برقية من المخابرات تخبره بضرورة ترك عمله فوراً والتوجه إلى المبنى الخشبى الموجود به القافلة الطبية فى ” أم مرجم ” وأعطت الأوامر للطيارين المصريين بعدم قصف المنطقة الطبية مهما كانت الأسباب.
إستقبل “عمرو” البرقية فعلم أن الحرب ستبدأ فرفض أوامر القادة المصريين لإدراكه أنه سيكون مفيد للغاية فى ذالك الوقت، فحصل “عمرو” على جهاز إرسال صوتى وضبطه على موجة القيادة فحصلت المخابرات المصرية على كم هائل من المعلومات المهمة.
سألته المخابرات المصرية عن مكانه وطلبت منه المغادرة فأرسل برقية قال فيها إن فرقته تلقت أمراً بالإنتقال إلى منطقة القنطرة شرق وقال إنه سيرسل برقيات أخرى بالتفاصيلو بعده نقل العميل صورة كاملة عما حدث فى الجانب الإسرائيلي ولكنه لم يستطع إكمال الرسالة حيث إنفجرت كتيبته وإستشهد العميل 1001.
إلتقطت أجهزة اللاسيلكى الإسرائيلية نداء متكرر علي موجة خاصة بصوت مصرى يقول أجب يا 1001 أجب لكنه كان قد إستشهد، وفى تمام الساعة 4:37 دقيقة يوم السادس من أكتوبر 1973 أمر مدير المخابرات المصرية ضباط مخابرات القنطرة غرب بالبحث عن جندى إسرائيلي فى قافلة سيارات تتحرك من أم مرجم إلى القنطرة شرق وأتصلوا بقائد الجيش الثانى ليصدر أوامره بعدم إطلاق نار على أى قافلة، و لكن بسبب الحرب تعذر الإتصال و لم يستطع رجال المخابرات التعرف على مكان جثمان الشهيد، فتم إرسال طائرة هليكوبتر بها 3 مدنيين و6 جنود وضابط إستطاعوا التسلل ليلاً وتم التعرف على جثمان الشهديد “عمرو” و تم نقله إلى القاهرة وأدى له الضابط التحية العسكرية وهو يرتدى اللباس الإسرائيلي وملفوف بعلم مصر.
توفى الشهيد “عمرو طلبه” العميل رقم 1001 في منطقه القنطرة شرق في سيناء بعد أن أدى مهمته على أكمل وجه وساهم في انتصار لن يُمحى من ذاكره المصريين مهما مرت السنين.

زر الذهاب إلى الأعلى