fbpx
تقارير وملفات

حركة المحافظين.. غابت الأحزاب وحضر الشباب والأقباط

ثلاثة أشهر من الانتظار والترقب والتكهنات، قضاها الرأي العام المصري انتظارا لإعلان حركة المحافظين الجديدة، انتعشت خلالها بورصات الترشيحات، وطرحت أسماء لدخول الجهاز التنفيذي للدولة، بينما تكهنت بخروج آخرين.

وبانتهاء التكهنات والشائعات بأداء المحافظين اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح الخميس الماضي، بدأت بورصة أخرى من التحليلات التي تحاول قراءة ما بين سطور الحركة الأخيرة، واستنباط التوجهات المستقبلية للنظام السياسي، وتعامله مع أبرز أداة تنفيذية لوضع أولوياته على مضمار التطبيق.

أولى الملاحظات التي لابد أن تستوقف المتأمل لحركة المحافظين، ذلك الفشل الإعلامي المتكرر في التوصل إلى الأسماء المرشحة، وهي مسألة وإن كانت تجسد نجاحًا للأجهزة المعنية بالترشيحات والاختيارات في ضمان أعلى درجات التكتم، لكنها أيضا تكشف حجم الهوة بين أجهزة  الدولة وبين وسائل الإعلام، ومدى قدرة الأخيرة على استقاء المعلومات من مصادر مطلعة، وليس الاعتماد على “فبركات” باتت تمثل خطرا حقيقيا على ما تبقى من مصداقية لتلك الوسائل.

ثاني الملاحظات، يرتبط بتقليدية “وعاء النخب” الذي تتعامل معه الأجهزة المعنية بالترشيح والاختيار، فقد شملت  القائمة النهائية لحركة المحافظين تعيين٢١ محافظًا جديدًا واستمرار ٥ محافظين في مناصبهم دون تغيير ونقل محافظ واحد فقط، وتضمنت تلك الحركة ١٨ لواء ينتمون للقوات المسلحة أو الشرطة  و ٦ من الأطباء وأساتذة الجامعة و٣  من القضاة، وهي نفس النخب التي كانت تحظى بأولوية الاختيار على مدى عقود سابقة، فيما غابت قنوات أخرى مثل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني عن دائرة الاختيارات.

ورغم “التقليدية” التي فرضت نفسها على الحركة الأخيرة، إلا أن الأمر لم يخل من إشارات ضمنية مهمة لمحاولة “كسر التابوهات القديمة” ومنها على سبيل المثال ذلك التمثيل غير المسبوق للأقباط بوجود محافظين اثنين ضمن التشكيلة الجديدة، بينهما سيدة، هي منال ميخائيل محافظة دمياط، كما عُين كمال جاد شاروبيم محافظا للدقهلية، في خطوة تؤكد حدوث تغيير نوعي في التعامل مع هذا الملف الذي كان يثير الكثير من الحساسيات، خاصة أن آخر التجارب لا تزال ذات شجون، عندما عُين اللواء مجدي أيوب محافظا لقنا عقب ثورة يناير 2011، إلا أن احتجاجات قادها متشددون إسلاميون ضده حالت دون القيام بمهامه، وجرى تغييره بعد بضعة أشهر، وبقي هذا الملف ورقة ضغط على مصر من جانب منظمات خارجية، إلا أن الخطوة الأخيرة بتعيين محافظين قبطيين في محافظات لا تحظى بحضور سكاني مسيحي كبير، تدحض أي افتراءات بشأن حرمان الأقباط من المناصب الرفيعة، وأن الرئيس السيسي عرف كيف يعالج هذه المسألة بعيدا عن الطائفية.

تطور لافت آخر في حركة المحافظين الأخيرة يتجلى في دعم غير مسبوق لنخبة شباب البرنامج الرئاسي، إذ تم اختيار عدد من نواب المحافظين من بينهم، في محافظات الوادى الجديد، والقليوبية، وبورسعيد، والبحيرة.

وبينما يرى فريق أن ذلك الاختيار “الشبابي” بمثابة إشارة إلى أن نخبة جديدة تطل على المشهد السياسي والتنفيذي، ويمكن أن توفر بدائل مناسبة لتطوير الوعاء التقليدي لاختيار المحافظين والوزراء، وهو ما يمكن أن يفرز في المستقبل جيلا مختلفا، نجد فريقا آخر يرى أن الحركة تمثل خيبة أمل للكثير من الشباب الطامحين للمشاركة في إدارة المحليات بعد وعود متكررة بذلك، لا سيما مع ارتفاع متوسط أعمار المحافظين الجدد، وهيمنة المعايير التقليدية على الاختيارات، في وقت كان يترقب فيه الشباب إسناد المزيد من المهام التنفيذية لهم، تنفيذا لوعود رئاسية وحكومية متكررة.

وينطبق نفس الأمر على تمثيل المرأة في هذه الحركة، فقد بقي مقتصرا على وجود سيدة واحدة في منصب محافظ،  وهو ما جاء مخالفا للتوقعات، بأن يزيد تمثيل المرأة منذ تعيين أول سيدة بهذا المنصب، وهي نادية عبده، محافظ البحيرة، التي خرجت من التشكيلة الجديدة للمحافظين.

ومن الرسائل “المفاجئة” التي حملتها حركة المحافظين، انتفاء قاعدة عدم عودة المسئول التنفيذي السابق إلى موقعه مجددا، فقد جاء اختيار اللواء محمد عبد الفضيل شوشة محافظا لشمال سيناء، ليكسر تلك القاعدة التي باتت مستقرة في العرف الحكومي، خاصة أن شوشة كان يتولى نفس المنصب عام 2008.

بواسطة
تقرير – محمد عيد
زر الذهاب إلى الأعلى