fbpx
أهم الأخبارتقارير وملفات

«عقوق الوالدين» بين الدين والقانون

بعد دخوله البرلمان في مصر ..وغرامات تصل إلي مليون دولار في شرق آسيا

«وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا» (الإسراء:23-24).

انطلاقا من هذه الآية الكريمة التي جمع الله فيها بين «العبادة وبر الوالدين» نتوقف على ما آلت به الأوضاع الآن بين الابن ووالديه، وما يسمى بعقوق الوالدين فانهيار الأخلاق وسوء معاملة الوالدين صار سائدا ليس على المطلق وانما اصبحت الفئة الأكثر، وهو الأمر المرفوض في الإسلام والمجتمع وكافة الأديان، فهناك دول تلزم الأبناء بالقانون على رعاية والديهم ماديا ليس بموجب البر فقط وانما بموجب القانون لمن يرفض هذا.

وها نحن الآن أمام مشروع قانون جديد أمام البرلمان لفرض عقوبة على عقوق الوالدين، حيث نتوقف على تفاصيل هذا القانون والعقوبات المقترحة داخل المجتمع، وعقوبة العقوق في الإسلام، وعقوبتها في الدول الأجنبية .

«عقوق الوالدين» بالبرلمان

ففي محاولة لوأد ما يواجهه الوالدين في الآونة الأخيرة من تجبُّر الأبناء عليهم وسوء معاملتهم، جاءت التحركات البرلمانية، حيث تم إحالة طلب تقدمت به النائبة شادية خضير الجمل عضو لجنة الشئون العربية بمجلس النواب إلى اللجنة التشريعية بالبرلمان طالبت بتعديل قانون العقوبات، وإضافة مادة توجب توقيع عقوبة على عقوق الوالدين، وفى انتظار مناقشته.

وكانت مبررات النائبة شادية على هذا الطالب أنها التقيت عددًا كبيرًا من الحالات التي تعانى من سوء معاملة الأبناء، خاصة أن هناك بعض الأبناء المدمنين الذين يتعدّون على أولياء أمورهم بالضرب، قائلة: «لذا وجب علينا أن نضع نصًّا خاصًّا يعاقب الأبناء الذين يعقون والديهم ويضربونهم».

وقالت النائبة شادية: «إن التعديل ينص على أن يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بعقوق والديه، سواء بالسب أو القذف أو الإهانة أو الترك، وتضاعف العقوبة إذا ترتب على الفعل إحداث أضرار صحية بأى من الوالدين».

«أكبر الكبائر»

وحول عقاب العقوق في الإسلام، قال الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: «إن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر بجانب الشك بالله»، مشيرا إلى أن المسلم لن يدخل الجنة إلا ببر والديه، مضيفًا أن عقوق الوالدين يهدم جميع الأعمال الصالحة.

وأضاف الجندي، خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون» أن «المسلم مش هيدخل الجنة إذا كان عاقا لوالديه، حتى لو عمل أعمالا صالحة، وأدى فرائض، الصلاة والزكاة والصوم»، قائلا: «إن كلمة “أمر” فى القرآن قد تأتى للأمور الدينية والدنيوية، أما كلمة “وصى” فتأتى للأمور التى تترتب عليها الجنة أو النار».

وأضاف الداعية الإسلامي، أن الله تعالى قال فى كتابه «ووصينا الإنسان بوالديه»، منوها أن هنا المترتب على طاعة الوالدين هى الجنة والمترتب على عقوقهما هو النار، وأن عقوق الوالدين يضيع العمل الصالح مهما بلغ حجمه.

بر الوالدين من الحرم المكي

وحول حقيقة «بر الوالدين أعظم من نوافل العبادات» تحدث إمام وخطيب الحرم المكي الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي قائلًا: «إنه قد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فيما رأينا من عظيم وفائه وحفظه للعهود، ورده للجميل، وإن ذلك ليتأكد في حق الوالدين»، موضحا أن أن الله سبحانه وتعالى قد أوصى بحقهما بعد حقه فقال تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا » الآية 36 من سورة النساء.

وتابع المعقيلي في أحد خطبه: «فصلة الوالدين قربة، وحديثهما طاعة، ودعاؤهما بركة، فهما أحق الناس ببرك ووفائك، وأولى الناس بحسن صحبتك وإحسانك، وخاصة عند الكبر والضعف ومظنة الحاجة، فقد كنت في صغرك زينة حياتهم، وريحانة قلوبهم، وغرس آمالهم، يسعدان لفرحك، ويبكيان لمصابك، ولا يسأمان من الدعاء لك؛ فبرهما أعظم أجرًا من الهجرة والجهاد في سبيل الله».

وأكد أن الوفاء مع الوالدين لا ينقطع بموتهما؛ فالابن الوفي البار، يشرك والديه معه في صدقاته وبره وإحسانه، ولا ينساهما من دعائه واستغفاره.

“تايبي” وإعانة الوالدين بالقانون

ومن تايوان فالمجتمع متأثر بالتعاليم الكونفوشيوسية، التي تبجل الوالدين وتحث على برّهما والقانون يدعم هذه التعاليم إذ يحظر على البالغين قانونيًا التخلي عن والديهم ، حيث قامت محكمة تايوانية أمس بإجبار تايوانياً على دفع مليون دولار لأمه، حيث يتكفل الآباء في تايوان بدفع أقساط تعليم أطفالهم، مقابل رعاية الأبناء لهم في سن الشيخوخة، في تقليد شهير يُدعى «تايبي».

وهذا ما دفع إحدى الأمّهات التايوانيات مؤخرًا، لرفع دعوى قضائية ضد ابنها، بحجة أنه خرق اتفاقًا مكتوبًا بينهما، يتعهد فيه بإعانتها ماليًا من عائدات عمله في مهنة طب الأسنان، وطالبت المرأة التي تعرف بلقب “لو” فقط، بتنفيذ شروط العقد.

وأكدت أنها ربت ولديها بعد طلاقها من والديهما، ورعتهما وضحت من أجلهما، حتى دخل كلاهما كلية طب الأسنان، في حين أكد الابن أنه دفع لها مسبقًا مليون دولار، ولا ينبغي عليه دفع أكثر من ذلك، إلا أن المحكمة تعاطفت مع الأم، وحكمت لصالحها يوم الثلاثاء الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى