fbpx
أهم الأخبارالحدثتقارير وملفات

مأزق الإعلام المصري: “لا السيسي راضٍ.. ولا الشعب”

تقرير – محمد عيد:

في غضون أسابيع معدودة، تلقى الإعلام المصري انتقادا متكررا من الرئيس عبد الفتاح السيسي في مناسبتين على الأقل.

إحداها خلال منتدى شباب العالم في شرم الشيخ، حيث قلل في إحدى الجلسات، بحضور ممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية، من قدرة الأجهزة الإعلامية المصرية على نقل كلامه بصورة صحيحة.

وتكرر الانتقاد خلال المداخلة التليفزيونية التي أجراها الرئيس مساء الخميس الماضي مع برنامج “يحدث في مصر” على فضائية MBC عندما أبدى الرئيس انتقادا صريحا لتغطية الإعلام المصري للأحداث في أوروبا، في إشارة لتظاهرات السترات الصفراء في فرنسا، وقال السيسي بوضوح: ”ساعات الإعلام يوجه صورة مغايرة للواقع أحيانًا”.

هذه الانتقادات تكشف حجم فجوة الثقة التي باتت تطغى على العلاقة بين الرئيس وبين الإعلام، وإذا ما أضفنا مؤشرات ودلائل أخرى، من بينها أن الرئيس لم يدلِ بحديث صحفي أو تليفزيوني، لأي من رؤساء تحرير الصحف القومية أو الخاصة منذ فترة بعيدة، أو المذيعين المحسوبين على النظام السياسي.

وحتى عندما اختار الرئيس أن يظهر إعلاميا خلال حملته الإنتخابية لفترة الرئاسة الثانية، كان اختياره من خارج النخبة الإعلامية المعتادة، حيث جاء اختياره لمخرجة سينمائية لتكون محاورته في الفيلم الذي استعرض فيه الرئيس برنامجه، وطموحاته للفترة الرئاسية الثانية.

وحتى خلال الزيارات الخارجية التي تشهد حضورا كثيفا من جانب رؤساء التحرير وممثلي الإعلام المصري، لم نشهد تفاعلا من الرئيس مع ذلك الحضور، فلم يقدم تصريحا خاصا، أو جماعيا، مكتفيا بما يصدر عن الرئاسة من بيانات رسمية، علاوة على ذلك لم يحرص الرئيس على تكرار التقليد الذي كان يتبعه سابقوه باصطحاب بعض رؤساء التحرير على الطائرة الرئاسية خلال تلك الزيارات الخارجية.

كل تلك المؤشرات تؤكد بما لا يدع مجال لشك، أن هوة كبيرة تفصل بين تصور القيادة السياسية في البلاد، وبين أداء الإعلام على اختلاف مستوياته وتنوعاته، بل إن بعض المراقبين يذهب إلى أن بعض الإعلاميين والوسائل الإعلامية باتت عبئا على الدولة وعلى القيادة السياسية نفسها، فلم تعد تلك القنوات الإعلامية الصحفية والتلفزيونية قادرة على تجسيد الرؤية السياسية للنظام الراهن، وهو ما دفع الرئيس إلى أن يتواصل مباشرة مع الرأي العام، من خلال المناسبات المختلفة التي يشارك فيها، والتي باتت منصات بديلة للإعلام، الذي يبدو أنه يعاني أزمة كفاءة، إضافة إلى ارتباك شديد في فهم حدود دوره، والمطلوب منه.

في المقابل يرى مدافعون عن الإعلام حاليا، أن الدولة وأجهزتها المعنية بإدارة المنظومة، لا تقل ارتباكا عن أجهزة الإعلام نفسها، لا سيما وأنه لا توجد استراتيجية واضحة حاكمة لإدارة التركة الإعلامية المثقلة بالأعباء، فضلا عن ضبابية معايير اختيار القيادات الصحفية والإعلامية، وهذا الارتباك، ربما يرجع في جانب منه إلى حالة الفراغ التي خلفها اختفاء “وزارة الإعلام” بعد سنوات من هيمنة الهيكلية الرسمية على إدارة المنظومة الإعلامية، سواء المملوكة للدولة أو حتى الخاصة منها.

كل الطرق تؤدي إذن إلى لحظة فارقة، يبدو فيها التغيير اضطرارا، وليس رفاهية، ولا ينبغي أن يقتصر الأمر على تغيير الوجوه كما هو معتاد، بل ومتوقع مع قرب إعلان أسماء مجالس إدارة الهيئات الصحفية والإعلامية الثلاث، إنما المطلوب تغييرات أكثر جذرية وشمولا، تطال السياسات ومعايير الاختيار والتقييم، ولا تقف عند حد الأسماء والوجوه.

زر الذهاب إلى الأعلى