fbpx
مصر القديمة الفرعونية

المصريون أشد البشر تديناً بالتوحيد وظلت عقيدة مصرية من الفراعنة وتناقلتها الحضارات

 

 

المصريون أشد البشر تديناً، ولا يُعرَف شعب بلغ فى التدين درجتهم، وكتبهم فى الجملة أسفار عبادة ونُسك».. عبارة خطها المؤرخ اليونانى هيرودوت قبل 500 عام من ميلاد المسيح عن شعب فطن إلى وجود حياة بعد الموت وأدرك وجود إله واحد أحد قبل مئات السنين من رحلات هيرودوت.

وقال مجدى شاكر، كبير أثريين بوزارة الآثار، إن مصر كانت أمة موحدة فى عبادتها لله، وإنهم لما تغلغلوا فى سبيل التوحيد، وقطعوا آخر مرحلة علموا أن «الروح أبدية» واعتقدوا بصحة الحساب، وذكر هنرى بروجش، أكبر علماء المصريات فى ألمانيا، أن أولئك القوم -يقصد المصريين- كانت عقيدتهم قمة التوحيد، وجمع عدة ألفاظ من نصوصهم ورد فيها «هو الإله واحد أحد لا ثانى له.. لا أحد يعرف تكوينه.. لا شبيه له.. خالق السماوات والأرض والأعماق.. خالق الكون وكل ما فيه وما تحت الثرى.. ويكفى أن المعبود الأشهر عندهم، «آمون»، بمعنى «الخفى»، الذى لا يراه أحد، والمعبود «أتوم»، بمعنى التام أو الكامل.

وتابع: فكرة التوحيد فى عقائد المصريين راسخة سامية، وهو ما كان محل اهتمام علماء المصريات، حتى إن العالم الفرنسى «دى روجيه» قال إن «فكرة التسبيح للإله الواحد كانت هنا»، فى مصر، «قبل أى شرائع سماوية، بل إن جميع الشرائع استمدت فكرها من هنا ولم تعرف أمة أخرى التوحيد»، حسب قوله، كما ذكر الدكتور سليم حسن أن فكرة التوحيد كانت موجودة منذ الأسرة الأولى وأن المصرى القديم اعتقد فى إله واحد وأن الكائنات الروحانية الأخرى ما هى إلا صور لذلك الإله.

وقال شاكر: «وذكرت متون الأهرام أن الخالق لا يمكن معرفة اسمه لأنه فوق مدارك العقول، لذلك سموه الخالق بألفاظ عامة مثل الألوهية والإله، وكلمات كناية مثل (الذى لا نهاية له ولا حد له) و(السيد المطلق) و(الخالق لكل شىء)، ويكفى أنهم كانوا يتحدثون عنه بصيغة المفرد، ما يؤكد التوحيد الذى بدأوه مبكراً منذ عصر الأسرة الأولى وقبلها، كما ذكر فى (كتاب الموتى)، وهو أول كتاب يذكر العالم الآخر، وكان موجوداً منذ ٤٥٠٠ ق.م»، وتابع: «وحفلت النصوص المصرية القديمة على امتداد العصور بالحكم والمواعظ الدينية التى ترسخ فكرة التوحيد، وكلها تشير للمعبود الخالق المطلق غير المرئى والخفى والمبهم ولا يحده مكان أو زمان ولا ترتبط عبادته بمكان محدد، ونرى ذلك فى أناشيد الوجدانية والنصوص الخاصة بالتراجم الشخصية، حيث كانت عقيدتهم تمنع قتل النفس والسرقة والاغتصاب.

وقال «شاكر»: «وصل المصرى القديم للتوحيد بفطرته لوجود حياة ونشور فى الآخرة وهناك جنة ونار وكانت كل أفعالهم وأقوالهم وما دوّنوه على جدران مقابرهم وعمليات التحنيط تأكيداً لإيمانهم التام بعقيدة التوحيد وعقيدة الثواب والعقاب بعد الموت، التى خلدها المصرى القديم على جدران المقابر، فالمصرى القديم وصف الجنة والنار كأنه رآهما».

“الفراعنة أجمل نسب فى القرآن الكريم بعد الانتساب إلى الله عز وجل والانتساب إلى الإسلام.. أحسن وأعلى وأعظم فئة مسلمة ومؤمنة وردت فى القرآن كانوا الفراعنة”.. هكذا علق الداعية الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على ديانة المصريين القدماء، متبنيًا فكرة أن الفراعنة كانوا من المؤمنين.
والحقيقة أن الحضارة المصرية ورغم عدم اليقين من كونهم كانوا مؤمنين، لكنهم عرفوا التوحيد، وبعيدًا عن فكرة العبادة نفسها، فإن حضارة المصريين القدماء كانت حضارة أخلاقية فى الأساس، فالفراعنة تبنوا قيما وأسسا أخلاقية قامت عليها حضاراتهم وفضلوها كثيرا وقدموها أكثر على الكثير الأشياء الأخرى.
لعل من الكتب المصرية القديمة التى تبين الجانب الدينى من حياة المصريين هو كتاب “الموتى” أو المعروف بـ”الخروج إلى النهار” والذى يطلق عليها البعض أيضا “إنجيل المصريين”، هو أقدم الكتب فى تاريخ البشرية، التى تحدثت كرة الخلود التى اعتنقها المصريون امتدت إلى العصور اللاحقة لعصور الفراعنة، كما استقى منها الفلاسفة مدارسهم المختلفة، فمنذ قديم الأزل والإنسان.
ورغم صعوبة تحديد إذا ما كانت ديانة قدماء المصريين ديانة توحيدية أو إنها وثنية كما يصفها البعض، نظرا لتعدد الآلهة التى كانوا يقدسونها، لكن ما يوضحه الكتاب سالف الذكر، هو ذكر لفظ الإله الواحد فى أكثر من موضع بين صفحات هذا الكتاب كما يُذكر فى الدعوات “الإله الواحد الذى وُلد فى بدء الزمان… خالق الأرض ومكون الإنسان”، فمن الممكن ان تكون ديانة توحيدية وأن هذه الآلهة الأخرى مجرد تجليات لذلك الإله الواحد كما نرى فى معظم الديانات الموجودة فى عصرنا الحالي.
بحسب كتاب “قدماء المصريين أول الموحدين” للدكتور نديم السيار، فأن العالم الفرنسى دى روجيه، قال فى كتابه عن مصر: “لقد كان التوحيد بكائن سامى وجد من تلقاء نفسه، أزلى، أبدى، قادر على كل شيء، وخلق العالم كل الكائنات الحية يعزى وينسب إليه، مثل هذه القاعدة السامية الراسخة، يجب أن تضع عقائد المصريين القدماء فى أشرف وأكرم مكان بين عقائد العالم القديم”.
ويضيف الكتاب سالف الذكر أيضا، أن عالم الآثار “دى لاروج” قال فى كتابه عن عقائد المصريين القدماء: “إن فكرة الكائن العلى الذى أوجد نفسه، الواحد القادر على التجدد الأبدى والخلود كإله، له القدرة على خلق العالم .
كذلك قال والس بدج فى كتابا له عن ديانة قدماء المصريين: “إن التسابيح الموجهة لـ الله الواحد، كانت تسمع فى وادى النيل، قبل خمسة آلاف سنة، وأنهم كانوا يعتقدون فى الله العظيم الواحد، خالق البش، وسائر الشرائع، والمزود بروح خالد لا تفنى”.
زر الذهاب إلى الأعلى