fbpx
أهم الأخبارالحدثتقارير وملفات

تمكين الشباب.. النوايا الحسنة وحدها لا تكفي

تقرير – محمد عيد:
من يتابع الخطابات والمداخلات التي تزدحم بها فعاليات منتدي شباب العالم، أو المؤتمر الوطني للشباب، يوقن أننا أمام دولة تسعى بجدية إلى تمكين شبابها في مختلف القطاعات، ليس فقط في المؤسسات الرسمية.
في المقابل تكشف النظرة المتعمقة للواقع أن شعار “تمكين الشباب المصري” لا يبدو على أرض الواقع بتلك الصورة البراقة التي يبدو عليها في الخطاب الرسمي. ويبلغ إجمالي الشباب في مصر في الفئة العمرية 15-34 استنادا للتعداد الرسمي لعام 2017 نحو 34.6 مليون نسمة، أي أنهم يمثلون 34.6% من إجمالي السكان.
والتعامل مع سن 34 على أنه السن الأعلى للشباب مرتبط بتعريف البنك الدولي، في حين أن الاتحاد الإفريقي يرفع السن إلى 35 سنة. وفي هذه الحالة، فإن عدد من هم في سن الشباب يصبح أكبر، ولو رفعنا سقف سن الشباب إلى ٤٠-٤٥ عاما لربما وصلت النسبة إلى ٦٠٪ من إجمالي تعداد السكان، وهو ما يعني أننا أمام دولة فتية، ووجود شبابي يفرض نفسه، ليس فقط برغبة السياسة، وإنما بإرادة الديموجرافيا.
وتعد نسبة الشباب في مصر من بين النسب العالية مقارنة بباقي دول العالم، فاستنادا لتقرير مؤشر تنمية الشباب Youth Development Index الذي صدر عن منظمة الكومنولث، تفوق نسبة الشباب في مصر في 2017 نسبة الشباب في أكثر عشر دول شابة استنادا للتقرير، والتي تضم سويسرا، وليسوتو، وعمان، وقطر، ولاوس، واليمن، وهندوراس، والمالديف، وزيمبابوي، وطاجيكستان.   وقد لا تكون مؤشرات التنمية بالنسبة للشباب في مصر أفضل من غيرها في دول العالم، لأسباب تتعلق بضخامة عدد السكان، ومحدودية الموارد المالية المتاحة، وهذا ما يعكسه التقرير السابق، حيث تأتي مصر في ترتيب تال لدول عربية عدة من حيث نصيب الشباب من إجمالي فرص العمل المتاحة، وفرص التعليم، والصحة، والثروة، فضلا عن المشاركة في الحياة العامة.  واللافت في نتائج هذا التقرير أن وضع الشباب في مصر لايزال صمن فئة  الوضع المتوسط بالنظر إلى إجمالي مؤشرات التنمية.
وتزداد الفجوة اتساعا عندما نقارن بين عدد الشباب المصري، ودوره الكبير في ثورتين شعبيتين خلال ٣٠ شهرا فقط، وبين وضعه في أكثر من مائة حزب سياسي، فلا يوجد حزب منها يقوده شاب في الثلاثين من عمره مثلا، بينما لا يزال التمثيل الشبابى فى الهيئات الحزبية ومواقع القيادة ضعيفا جدا.
فنسبة الشباب داخل المكتب السياسى بحزب التجمع صفر% ولا يوجد من نواب الرئيس أو الأمناء المساعدين أى شاب، وفى المكتب السياسى لحزب المصريين الأحرار 3%، وداخل الهيئة العليا للوفد لا تتجاوز نسبتهم 2%، وفى حزب المؤتمر 4%، وتتقارب النسب فى باقى الأحزاب. ورغم أن شعار تمكين الشباب حاضر بقوة في الخطاب الحكومي المصري بكثافة، لكن بعض الدراسات تشير إلى أن نسبة القيادات الشابة في هرم الجهاز الإداري للدولة لا تتجاوز ٦٪، فضلا عن أن الحكومة الحالية التي يفترض أن تقوم على وضع شعار “تمكين الشباب” موضع التنفيذ، يبلغ متوسط أعمار وزرائها ٥٧.٨ سنة، وهو معدل – ورغم كل شيء –  أفضل نسبيا من متوسط أعمار وزراء حكومة شريف إسماعيل البالغ ٦٠.٢ عاما، وربما يعزى ذلك التحسن في “سن” الحكومة إلى تعيين وزير البيئة ياسمين فؤاد، البالغة من العمر ٤٣ عاما.
وللحقيقة، فقد شهدت السنوات الأربع الأخيرة جهودا حثيثة من جانب الدولة، لاحتواء الشباب الذي بدا غاضبا من تهميش دوره بعد ثورتي ٢٠١١، و٢٠١٣، من بينها تخصيص نسبة 50% للشباب فى المجالس المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى الاستعانة بهم كمساعدى وزراء ومحافظين.
كما تم إعلان ٢٠١٧ عاما للشباب، وتم خلاله إطلاق البرنامج الرئاسى،. لتأهيلهم للقيادة بهدف إنشاء قاعدة شبابية من الكفاءات القادرة على تولى المسئولية السياسية والمجتمعية والإدارية فى الدولة.
وتم تنظيم عدد من المؤتمرات المعنية بالشباب فى مختلف محافظات الجمهورية، ومن تلك المؤتمرات خرجت فكرة قوائم الإفراج عن الشباب المحبوس في قضايا التظاهر، التي وصلت إلى أربع قوائم حتى الآن. ورغم أهمية تلك الخطوات، إلا أن ترجمة شعار “تمكين الشباب” إلى واقع يحتاج إلى استراتيجية متكاملة، لا تعتمد فقط على عامل السن في الاختيار، لكنها تقوم في الأساس على توفير فرص التعليم والتدريب والتأهيل للقيادات الشابة، فضلا عن تغيير ثقافة المجتمع التي تقف أحيانا حجر عثرة أمام جهود تمكين القيادات الشابة. كما أن الأمر يتطلب التوسع في الاعتماد على قيادات شابة في مختلف المواقع، ومنحهم فرصا كاملة للخلق والابتكار، ولعلنا نستفيد – وهذا ليس عيبا – من تجربة دولة شقيقة هي الإمارات، التي فاجأت العالم العربي في عام 2016 بالتعديلات الوزارية الجديدة التي أقرتها، وتضمنت تعيين 8 وزراء من الشباب.
متوسط أعمار هؤلاء الوزراء الشباب لا يتجاوز الـ38 عاما، بينهم 5 وزيرات نساء، أصغرهن شما المزروعي، التي لم تتعدَ وقتها الـ22 عاما، والتي تولت وزارة الشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى