fbpx
أكتب

محيي النواوي يكتب_ الذكري السادسة لثورة ٣٠ يونيو.

كنت دائماً أقرأ وأسمع عن مشاهد سياسيه متعددة فارقة في تاريخ الإنسانية.. وكانت من ضمن تلك المشاهد التي قرأتها وسمعتها.. ثورة ١٩١٩ التي أزاحت الحماية البريطانية عن مصر، وكانت تأكيد للوحدة الوطنية بين مسلميها ومسيحيها.. وبمشاركة فريدة للمرة الأولى للمرأة في ثورة شعبية.

– وثورة ٢٣ يوليو التي قام بها الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الراحل “جمال عبد الناصر” والتي أحتضنها الشعب المصري.. وحققت حلمه في الجلاء والأستقلال العربي والإفريقي، والعالم الإسلامي.. وحققت العدالة الإجتماعية .
ولكن دائماً هناك أختلاف بين ما تقرأ وتسمع وبين أن تشاهد المشهد من داخل الكواليس.. فكانت ثورة ٢٥ يناير المشهد السياسي الأول الذي أشاهده وأعيش أيامه يوماً بيوم. إنها “الثورة” التي طالما قرأت وسمعت عنها آراها للمرة الأولي -ما الذي يحدث- مواطنون يهتفون “الشعب يريد إسقاط النظام”.. “عيش.. حرية.. عدالة إجتماعية”.
الشرطة تختفي.. أقسام الشرطة تحترق.. جرحي وقتلي وشهداء.. الرئيس يعلن حالة الطوارئ ويأمر الجيش بالنزول إلي الشارع.. تشكيل وزارة جديدة.. موقعة الجمل.. استمرار الهتاف.. سقوط النظام.. تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.. كانت تلك معالم مشهد ثورة ٢٥ يناير.

-وكان المشهد السياسي الثاني هو ثورة ٣٠ يونيو.. التي هي عنوان مقال اليوم.
فهي ثورة فريدة من نوعها من حديث أعداد المشاركة وتنوع الطبقات الأيديولوجية المشاركة فيها.. فقد جاءت ثورة ٣٠ يونيو مباغتة تماماً ومتوقعة تماماً. تمثلت المفاجأة أنها كانت محددة الموعد.. معروفة المسار واضحة الخطوات والشعارات علي نحو غير مسبوق.. كما أن شباب حركة “تمرد” كانوا ينتقلون في المدن والقرى وأمام الكاميرات يؤكدون للناس أن نهاية نظام حكم الرئيس الأسبق “محمد مرسي” ستكون في العيد الأول لجلوسه علي عرش مصر.. وأن أول أيام العام الثاني لحكم “مرسي” سيكون اليوم الأخير له في ردهات القصر.
لم يكن موقف الجيش المصري وموقف القائد العام للقوات المسلحة آنذاك الفريق أول “عبد الفتاح السيسي” مفاجأة هو الآخر.. فقد كان تأكيد الجيش علي حماية إرادة الشعب مؤكداً.. إن أكبر مفاجأة إنها كانت متوقعة.. إنها مفاجأة اللامفاجأة!.
كان نجاح ثورة ٣٠ يونيو صادماً للخارج فقد تابع قادة العالم ما يجري علي نحو ما يتابع المشاهدون في كل مكان.. لم يكن هناك إخطار سابق لأي عاصمة ولم يكن هناك ترتيب سابق مع أي دولة.. ولم يكن هناك قيادة في العالم تعرف أكثر مما يعرفه الجالسون أمام الشاشات والمتجولون عبر المواقع، وربما كان سبباً أساسياً في حالة “الحقد” في الإعلام الغربي الذي تعمد إهمال صور ومشاهد ملايين المصريين.. ليعلن عن “إنقلاب عسكري” في مصر.
ورغم أن الملايين التي خرجت في ثورة يونيو أكبر عددًا من الملايين التي خرجت في ثورة يناير.. ورغم أن الملايين الذين خرجوا في ثورة ٣٠ يونيو سعوا إلي نفس المبادئ التي خرجوا من أجلها في ثورة ٢٥ يناير إلا أن الإعلام الغربي قد اختار أن يصف إسقاط نظام مبارك بـ”الثورة” وإسقاط نظام مرسي”بالإنقلاب”.. واختار أن يصف إنضمام المشير “طنطاوي” إلي ثورة الشعب ضد “مبارك” بحماية الثورة، وأن يصف إنضمام الفريق أول “السيسي” إلي ثورة الشعب ضد “مرسي” بالإنقلاب العسكري!.
– وقد كان نتاج هذه المشاهد مثير للأهتمام.. فقد جاءت أحداث الثورة المصرية في يناير ٢٠١١ ويونيو ٢٠١٣ لتذهب بعيداً.. فقد خرج الرئيس الآسبق “حسني مبارك” من قصر الرئاسة إلي السجن، وخرج الرئيس الآسبق “محمد مرسي” من السجن إلي قصر الرئاسة.. ثم غادر “مبارك” السجن إلي الإقامة الجبرية وعاد “مرسي” من القصر إلي السجن.. في نموذج نادر ومثير لتقلبات الأيام وطبقات الحكام..لتؤكد أن الوطن دائم والأشخاص زائلون.
حفظ الله مصر.

زر الذهاب إلى الأعلى