تقارير وملفات

العمل الخيري محرك للتحسن الاقتصادي

محمد عيد

تبدأ في شهر رمضان حملات المؤسسات والجمعيات الخيرية لجمع التبرعات، وبلغ عدد الجمعيات الأهلية في 2018، وفقًا لتصريحات الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن، 48300 جمعية، منها 29 ألف جمعية نشطة، تنفق 12 ألفا منها 10 مليارات جنيه سنويا على العمل المجتمعي.
ورغم ضخامة هذا الرقم محليًا، فبالمقارنة بباقي دول العالم تظهر ضآلة حجم العمل الخيري في مصر.
في عام 2016 نشرت مؤسسة جالوب العالمية، المتخصصة في استطلاعات الرأي، مؤشر “المشاركة المدنية”، والذي يعتمد على استطلاع رأي المواطنين عن مدى مشاركتهم في الأنشطة التطوعية وتبرعهم للجمعيات الخيرية ومساعدة الغرباء ماليًا، وكان ترتيب مصر 111 من بين 140 دولة شملها التقرير، بل إن معدل مشاركة وتطوع المصريين في الجمعيات الخيرية، بلغ 4% فقط، وهو أدنى معدل في العالم.
وللوهلة الأولى تبدو النتائج مُفزعة، خاصة إذا علمنا أن 1.4 مليار شخص حول العالم يتبرعون شهريًا بأموال للجمعيات الخيرية، وأن العالم يضم نحو مليار متطوع و2.2 مليار شخص يقومون بمساعدة الغرباء شهريًا، فسنعرف أن الشعب المصري لا يقوم بدوره نحو مجتمعه بالشكل الأمثل.
ولا يمكن إلقاء اللوم على الحالة الاقتصادية في ذلك، ففي الواقع فإن أكثر الشعوب مساعدة للغرباء هم الأفارقة، والأكثر كرمًا هم نيبال، بينما لا يوجد فارق كبير بين الأغنياء والفقراء في المشاركة في العمل التطوعي، وفقا لعملاق الاستشارات البحثية “جالوب”.
وللعمل الخيري أثر اقتصادي هام من حيث زيادة الوظائف والدخول في المؤسسات الناتجة عن التبرعات، هذا بالإضافة إلى بناء قدرات المواطنين عبر تحسين أوضاعهم التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، والمساهمة في إعادة توزيع الدخول وتقليص الظلم الاجتماعي، لهذا تهتم كثير من الدول بتقديم محفزات قانونية ومالية للعمل الخيري، وتقيم حملات التوعية بأهمية التبرع والتطوع، كما تشرك المجتمع المدني في التخطيط والتنفيذ والرقابة على التبرعات.
ونص قانون الاستثمار الجديد في مصر على حوافز لزيادة “المسؤولية الاجتماعية للشركات”، هذا بالإضافة للتشريعات الضريبية التي تحفز على تبرع الشركات والأفراد، وتخصم تبرعاتهم من الوعاء الضريبي المفروض عليه الضريبة.
لكن مقارنة بالمتوسطات العالمية، يبقى حجم التبرعات وتأثيرها في مصر شديد المحدودية، بل إننا ننافس ضمن أسوأ الدول في هذا المجال، وربما يساهم إعلان الوضع المقارن لنا في تسريع خطوات إصلاح المجال الخيري في مصر، وعدم اقتصاره على شهر واحد أو مناسبات محدودة كل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى