تنمية الصعيد.. حتى تتحول الشعارات إلى واقع

تقرير – محمد عيد:
بالأمس نشرت الجريدة الرسمية، القانون رقم 7 لسنة 2019، الصادر بقرار رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس النواب، والخاص بإنشاء هيئة تنمية الصعيد.
وفقا للقرار فإن الهيئة ستضم ممثلي وزارات “الدفاع والإنتاج الحربي، والداخلية، والتنمية المحلية، والمالية، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والموارد المائية والري، والاستثمار والتعاون الدولي”، بينما خلت القائمة من وزارة التجارة والصناعة التي تعد طرفاً أساسياً في ملف تنمية الصعيد، نظرا لوجود مناطق صناعية وأراضٍ صناعية من المفترض أنها تخضع لولاية هيئة التنمية الصناعية.
التصريحات والقرارات الحكومية عن الصعيد ليست وليدة اللحظة، ولم تبدأ العام الجاري أو حتى قبل خمسة أعوام، فحكومات ما قبل 25 يناير 2011 كانت تتحدث دائما عن خططها التنموية بشأن الصعيد، والمشروعات المقرر لها أن تتدفق على المحافظات الفقيرة لانتشال أبنائها من دائرة الفقر المدقع، غير أن تلك الخطط والمشروعات لم تخرج عن إطار “الشو الإعلامي”، ولم تتجاوز عدة مشروعات صناعية في محافظات الصعيد الأقل فقرا، مثل المنيا وبني سويف وغيرهما، لكنها لم تخترق الحواجز وتصل إلى محافظات مثل قنا وسوهاج وأسوان وغيرها.
في يناير 2018 أطلقت الدولة برنامج التنمية المحلية لصعيد مصر، من خلال قرض البنك الدولى الذي تصل قيمته إلى 500 مليون دولار، وهو القرض الذي سيتم بمقتضاه تنفيذ عدد من المشروعات التنموية والخدمية، منها 16.3دولار مخصصة لخطط تطوير المناطق الصناعية فى مجال أعمال البنية التحتية، وهو القرض الذي تعول عليه الحكومة لتطوير محافظات الصعيد، فهل يعد ذلك كافيا لتنمية حقيقية.
وعلى الرغم من وجود حوافز حكومية متعددة للاستثمار الصناعى في الصعيد، منها توفير أراضٍ بالمجان، إلا أن النتائج المتحققة لا ترقى إلى المستوى الذي يمكن القول معه إن هناك “تحركاً جوهرياً” في هذا الملف.
وفقا لورقة عمل أعدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية فإن المعايير التي يتم بناءً عليها توزيع الاستثمارات بين المحافظات داخل الإقليم الواحد غير واضحة، بالرغم من ارتفاع معدل الفقر في كل من محافظتي بني سويف والفيوم مقارنة بمحافظة المنيا، إلا أن المنيا تحتل مكان الصادرة من حيث نصيبها من إجمالي الاستثمارات الحكومية، بل إن نصيب محافظة المنيا زاد من37.7٪ في خطة عام 2016/2017 إلى 48.9% في خطة العام التالي له.
وبالنظر إلى التوزيع القطاعي للاستثمارات الموجهة إلى إقليم شمال الصعيد على سبيل المثال، فمن الملاحظ أن أكثر من 50٪ من الاستثمارات الموجهة قد جاء من نصيب قطاع الإسكان والمرافق في ظل غياب تام للاستثمار الصناعي، وضعف الاستثمار الزراعي، بل إن العام الماضي شهد انخفاضا حادا في نصيب الزراعة واستصلاح الأراضي من 2.6٪ في خطة عام 2016/2017 إلى 2.4%.
وفقا لمقترحات المركز المصري فإنه يجب التأكيد على أهمية وجود رؤية واضحة واستراتيجية متكاملة للنهوض بمنطقة الصعيد اقتصاديا واجتماعيا في ضوء تقييم سليم، كما يجب توزيع الاستثمارات الحكومية بناء على إمكانات واحتياجات المحافظات المختلفة في مختلف القطاعات وتقديم الحوافز للقطاع الخاص، كما يقترح المركز تبني أسلوب موازنة البرامج والأداء في إعداد الموازنة مع وجود مؤشرات واضحة للمتابعة.