تقارير وملفات

غياب آليات التنفيذ تُعيق مبادرة المركزي في حل أزمات المُتعثرين

أطلق البنك المركزي مبادرته لحل أزمات المتعثرين، أو بالأدق الصغار والمتوسطين منهم، وذلك في 27 يونيو الماضي، حيث كانت فكرة المبادرة بهدف إعادة الأمل لكثيرين ظلوا أعوامًا تحت مقصلة التعثر.

المبادرة كانت موجهة لتسوية المديونيات المتعثرة للشركات بأرصدة أقل من 10 ملايين جنيه، وكافة مديونيات العملاء من الأفراد غير شاملة أرصدة البطاقات الائتمانية وفقا للمركزي، في 31 ديسمبر 2017، سواء المتخذ أو غير المتخذ ضدهم إجراءات قضائية مع البنوك المشاركة في المبادرة، وكان من المتوقع أن يستفيد منها أكثر من 3500 شركة و337 ألفا من الأفراد في عدد من البنوك الحكومية.

ورغم أهمية ووجاهة تلك المبادرة وتوقيتها، فإنها ـ بوضعها الحالي ـ لا يمكن أن تحقق الهدف الذي أطلقت من أجله، فوفقا لورقة مهمة أعدتها لجنة الاستثمار باتحاد الصناعات حول تلك المبادرة فإن هناك عقبات عدة تحول دون استفادة كافة المتعثرين من تلك المبادرة، أهمها عدم اشتراك جميع البنوك التي تعمل في مصر تحت مظلة البنك المركزي في المبادرة، فضلا عن “غياب آليات تنفيذ وتطبيق واضحة وتفصيلية، ما يترك المجال مفتوحا للاجتهادات الفردية في حل المشكلات أو الرد على الاستفسارات”.

من بين المشكلات التي تم رصدها أيضا خلال الفترة الماضية وجود عيوب في نظام الاستعلام الائتماني (I-Score) حيث يتم خلط حسابات الشخصية الاعتبارية بتلك الخاصة بالشخص المعنوي، وعدم المساواة بين من جرى تسوية مديونياته قبل المبادرة حيث يظل قيده في تاريخ التقييم لمدة 5 سنوات مقابل 3 سنوات لمن تمت تسويته ضمن المبادرة.

الملاحظة الأهم، والتي تمثل عائقا ليس ضئيلا تتمثل في المبلغ المحدد بـ10 ملايين جنيه وهو ما يعتبره كثيرون “غير كاف”، خاصة في مجال الصناعة ذي الاستثمارات العالية، بل إن هناك مطالب بالسعي إلى مضاعفته.

مبادرة المركزي تعيد إلي الطاولة أحد أكثر الملفات تعقيدا وتشابكا، وهو ملف المصانع المتعثرة، الذي أعلنت حكومات ما بعد يناير 2011 اعتباره ضمن أولوياتها، بداية من حكومة شرف وحتى حكومة محلب مرورا بحكومة الببلاوي، غير أن شيئا مما أعلنت عنه لم يتحقق، بسبب عدم وجود آلية وصيغة محددة بين تلك الحكومات والبنوك لإخراج المصانع من عثراتها.

الآن وبعد مرور نحو 90 يوما على إطلاق المبادرة، ورغم عدم وجود حصر شامل حتى الآن بعدد المتعثرين المستفيدين أو الذين أنهوا مشكلاتهم مع البنوك، تبقى الحاجة لعمل تقييم سريع وإعادة نظر دقيقة في بعض الثغرات التي قد تشوه المبادرة الوليدة، مع مراعاة إجراء حوار داخل مجتمع الأعمال وخصوصا المجتمع الصناعي لخلق حالة من التناسق وضمان الوصول لنتائج حقيقية على أرض الواقع، لا على أوراق المسئولين فحسب، وقبل هذا وذاك، ضمان عدم تكرار المآسي التي شهدتها المحاولات السابقة لمساعدة من تعثروا.

بواسطة
محمد عيد
زر الذهاب إلى الأعلى