جريدة “الديوان” تنفرد بحوار خاص مع نجل مسئول ليبيى كبير فى حكومة القذافى

لم يبدو لى من هيئته ولباسه البسيط المتواضع، عندما ذهبت لإجراء مقابلة صحفية معه، حول الوضع الراهن فى ليبيا، كنجل مسئول كبير فى حكومة الزعيم الراحل، معمر القذافى، تقلد والده حقيبة الداخلية، ثم شغل منصب آخر، وزيرللصحة والبيئة، قبل أحدث 17فبراير 2011 ، التى أطاحت بنظام العقيد القذافى، بل على العكس، كان متواضعاً، جميل الحديث، راقى الأخلاق، مهذباً، مثقفاً، رزيناً، محافظاً على عاداته وتقاليده الليبية، يتحدث بلباقة ودبلوماسية عالية، سياسياً مخضرماً، عكس ما نشاهدهم تماماً على شاشات الفضائيات، ويتحدثون دون جدوى أومعرفة، يكسو ملامحه حزن شديد، فعندما سألته عن سبب هذا الحزن، قال: “كيف نفرح بينما الوطن فى محنه كبيره”.
هو الدكتور خالد محمد حجازى، نجل الدكتور محمد حجازى، آخر وزير للصحة والبيئة، فى عهد نظام العقيد معمر القذافى، والمقيم حالياً فى القاهرة، منذ 8 سنوات، أعقبت أحداث 17 فبراير 2011 ، عندما أُجبِر على الهجرة من وطنه الأم، بعد أن هدمت المليشيات المسلحة منزله، ومنزل أسرته، ليضطر للخروج من ليبيا إلى مصر لحماية أطفاله وعائلته.
كان لنا معه لقاء، تحدث خلاله عن الوضع السياسى والأمنى والأقتصادى فى ليبيا، وطرح رؤيتة للحل والخروج من تلك الأزمة الراهنة..فى البداية سألته عن:
لماذا ثار الليبيين على حكم القذافى؟
لم يكن هناك أى دافع أو مبرر لقيام ثورة فى ليبيا، فالشعب الليبيى كان يعيش حياة كريمة وهادئة، مقارنةً بجميع بلدان العالم، وخاصة فى محيطنا العربى، لكن هى مؤامرة خارجية حيكت من قبل أطراف كثيرة، واستخدم فيها عملاء ومأجورين، خانوا الوطن، وتسببوا فى إهدار مقدرات الشعب الليبيى، والآن هم نادمون.. لكن كما قال الزعيم الراحل معمر القذافى: “سوف تندمون يوم لاينفع الندم”.
ليبيا كانت تتوفر فيها كل سبل الحياة والعيشة الكريمة قبل 2011، فضلاً عن أنها كانت تتمتع بقراراها السيادى الحر، وهيبتها بين الدول، حتى أن المواطن الليبيى بدون تأشيرة، كان يستطيع أن يلف هذا العالم بجواز السفر فقط، وكان هناك فائض فى الميزانية، وأموال كثيرة، ومشروعات خارجية واداخلية، كل ذلك تبدد وأصبح سراب بفعل هؤلاء المرتزقة.
ما تقييمك لما يحدث على الساحة السياسية فى ليبيا منذ 8 سنوات؟
ما يحدث هو خلاف على السلطة بين أطراف الصراع، بتوجيهات من الأمم المتحدة، التى تهيمن على قراراتها الدول الكبرى، والتى لا ترغب فى استقرار ليبيا، هذا لان ليبيا حالياً هى عبارة عن شريان نفط، يصب فى صالح الغرب، ورغم أن النفط هو المصدر الرئيسى للبلاد، حيث أن الدولة الليبية تُصدر ما يقرب من مليون ونصف برميل نفط يومياً.
اليوم.. نشاهد طوابير الخبز والبنزين، وأزمات فى كل القطاعات، فى التعليم، والصحة، والكهرباء، فضلاً عن أموال الدولة الليبية، التى تم حجزها فى الخارج من الأمم المتحدة، وتُصرف بأسماء ناس، وشيكات وهمية، ومشاكل أخرى كبيرة وكثيرة تؤرق الليبيين.
ما رؤيتك للحل فى ليبيا؟
أنا كمواطن ليبيي، والرأى السائد هناك الآن بين أغلب الليبيين، نرى جميعاً أنه من أجل التوصل إلى حل توافقى، يرضى جميع الأطراف، لابد من ترشح الدكتور سيف الإسلام معمر القذافى لرئاسة ليبيا.
لكن كيف يترشح سيف الإسلام وأنت تعلم ماحدث؟
سيف الأسلام “ولى دم”، بمعنى أنه فقد والده وأشقائه فى تلك المؤامرة التى حيكت على ليبيا من الخارج فى العام 2011 ، واُستخدمت خلالها كافة الوسائل والأساليب، لذلك عندما يأتى الحديث حول مصالحة شاملة تجمع كافة أطياف الشعب الليبيى، يخرج كل من فقد ذويه للمطالبة بحقوق أبنائهم قبل إجراء مصالحة.
لهذا أرى أن الدكتور سيف الإسلام عندما يسامح فى حق أسرته من أجل الوطن، يُسهل على الآخرين من “أولياء الدم” التوصل إلى حل والتسامح والنظر إلى المستقبل.. لذلك اعتقد فى حال قرر الدكتور سيف الإسلام الترشح، وطي الصفحة القديمة، سيسعى الليبين على دربه من أجل تحقيق مصالحة شاملة، وحقيقية، فليبيا مجتمع قبائل، يؤمن بأن الحل يكمن فى المصالحة.
لكن سيف الإسلام لديه إشكالية قانونية، فهو على قائمة المطلوبين لدى محكمة الجنائية الدولية؟
يجب على المجتمع الدولي أن يضغط على الأمم المتحدة لرفع أسم سيف الإسلام من قائمة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أنه حصل على عفو عام رسمى بموجب القانون الليبيى، ولم يعد مطلوب على ذمة قضايا، وأنا أعتقد أن صوت الشعب الليبيى، وصوت كل وطنى حر فى العالم العربى، هو من يضغط على المجتمع الدولي، لرفع اسم سيف الإسلام من قوائم المطلوبين.
ونأمل أيضاً، أن تلعب مصر، والإمارات، والدول التى تريد استقرار ليبيا، دور فى رفع اسم الدكتور سيف الإسلام من قوائم المطلوبين لدى محكمة الجنايات الدولية، كما أطالب بسرعة إصدار أرقام وطنية للدكتور سيف الإسلام وأسرته، لأنهم ليبيين، ومن حقهم أن يكون لهم رقم قومى وطني، وحصلوا على حكم من المحكمة البيضا.
لماذا لم يخرج سيف الأسلام ليخاطب الشعب؟
أنا لست متحدث باسم الدكتور سيف الإسلام، أو ممثل عنه فى شئ، والرجل قد يكون له ظروفه الخاصة، التى يجب أن نحترمها ونقدرها، وفى اعتقادى أنه لن يُترك الليبين وحدهم، وسوف يتحرك من أجل انقاذ الوطن، واعتقد أنه ينتظر أن يفوق الشعب الليبي من الوهم والتبعية.
ما العائق أمام إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى ليبيا؟
العائق أمام إجراء انتخابات ليبية، الأمم المتحدة، وبعض الدول الأوربية، التى تريد السيطرة على مقدرات الشعب الليبي، والأطراف الليبية المتنازعة على السلطة الآن هى مجرد أداه فى يد الغرب يحركها كيف ما يشاء، كما أن تلك الأطراف تعمل وفق أجندات وسياسات ومصالح شخصية، ولابد من تنحى الدول الغربية عن ليبيا فى هذا الوقت، حتى تُحل جميع المشكلات لأن الليبين أسرة واحدة، ويستطيعوا حل مشاكلهم بأنفسهم، والوصول إلى اتفاق، مايحدث الآن معركة على الكعكة الليبية، الكل يسعى لاقتطاع جزء منها على حساب الشعب الليبيى.
كيف يحدث توافق بين الليبيين؟
يحدث التوافق عند الجلوس الغير مشروط دون تدخل خارجى، يجب أن تجتمع كل الأطراف الليبية دون وجود أى عنصر خارجى، ويُعقد مؤتمر “ليبيى – ليبيى”، يتم خلاله وضع حلول جذرية، واتخاذ قرارات مناسبة، بموافقة الجميع، لذلك أرى أن أفضل شخص لتحقيق هذه المصالحة الدكتور سيف الإسلام القذافى، الذى يحظى بتوافق كبير داخل المجتمع الليبي.
كيف ترى عمل غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة لليبيا؟
الأمم المتحدة لاتريد حل فى ليبيا، ومايحدث مضيعة للوقت، ومندوبها لم يحقق أى نتائج خلال الجولات التى يخوضها مع الأطراف المتصارعة على السلطة، والحقيقة أن الشعب الليبيى أصبح واعٍ وفاهم لما رأى من كواراث فى 2011.
ماذا قدمت حكومة الوفاق الوطنى المدعومة من المجتمع الدولى لليبيين؟
لم تقدم أى شئ، بل على العكس هم لم يستطيعوا حتى توفير رغيف الخبز، ارتفعت أسعار السلع الغذائية، وأصبحت النساء والرجال يقفون فى طوابير الخبز بالساعات، وعلى المصارف من أجل الحصول على رواتبهم، التى لا تكفى، مع الارتفاع المتواصل فى أسعار كافة السلع الغذائية، حتى أن زجاجة الزيت التى كان ثمنها يقدر 75 قرش وصلت إلى 10 جنيهات!.
ما جنسيات المليشيات المقاتلة فى ليبيا؟
هناك مليشيات تتبع مدن ليبيا، وهناك من خارج البلاد، تعمل لصالح حكومات وجهات خارجية، مثل تركيا وقطر، ويجب على حكومة الوفاق تغليب مصلحة الشعب الليبيى، بعيداً عن التحزب والتفرقة، ورأيي الشخصى كل المليشيات الموجودة حالياً فى ليبيا، تحركها أطراف من الخارج، وتمدها بالسلاح والمال، وفى بعض الأحيان تمدها بالمرتزقة فى شكل مجموعات كبيرة، سواء فى طرابلس أو مصراته أو الزاوية، وأغلب تلك المليشيات كانوا مساجين من قبل، وتم تهريبهم فى 2011 ، وجميعهم حملوا السلاح ضد الدولة، وبدأوا بفرض السيطرة على الدولة بالقوة.
ما وضع الحكومات الموازية لحكومة الوفاق؟
لا أرى أن حكومة الدكتور فائز السراج، أو حكومة شرق ليبيا التى تتبع مجلس النواب، يستطيعا فعل شئ، أو تقديم حلول لليبيين فى ظل وجود مليشيات مسلحة تسيطر على الأرض، ووجهة نظرى وفقا للعدالة، أن مَن أَجرم فى حق الشعب، لابد أن يُعاقب، ومكانه الطبيعيى هو السجن، وليس العمل فى الجيش والشرطة، أو أى مؤسسة أخرى، كما يجب بناء مؤسسات الدولة والجيش والشرطة والقضاء، والكل يعمل من أجل الوطن والشعب.
ما تقييم لحكومة الدكتور عبدالله الثنى؟
هى أفضل الأسوء، وهناك صدام بين الجماعات المسلحة فى ليبيا، سواء القوات التى تتبع خليفة حفتر، أو تلك التي تتبع الإخوان المسلمين فى طرابلس، رغم أنهم كانوا متوحدين ضد نظام الراحل معمر القذافى، فالواضح حالياً أن هناك صراع من أجل السلطة، وتحقيق مكاسب شخصية.
لماذا تركت ليبيا ؟
نحن خرجنا عقب أحداث 17 فبراير، والكثير من الأسر والعائلات الليبية هاجرت خارج البلاد، وذلك بسبب أعمال القتل، والسرقات، والحرب التى شردت الآلاف، وقتلت الأطفال، والنساء، والشيوخ.
أصبحنا الأن دون طموح، ودون مستقبل، أحلامنا تبددت، ولم نعد نمتلك قرار فى بلادنا، وبات القرار للدول الخارجية، حتى أن الدخول لأى دولة أصبح مشروط بتأشيرة دخول، وهذا لم يكن يحدث فى عهد العقيد الليبيى معمر القذافى، كنا نستطيع دخول 132 دولة حول العالم دون تأشيرة فقط بالجواز الليبيى.
كيف ترى وضع الليبين فى الشتات؟
الحكومات الليبية الحالية، أهدرت مقدرات الشعب الليبي، وتتلاعب برزقه، وخيراته، وأصبح الليبين ما بين مُهجر، ونازح فى الدول العربية والغربية، والكل ينظر إليهم الآن على إنهم إرهابيين، حتى في المطارات، وأصبح هناك نوع من الاضطهاد من الدول الأخرى، حتى وإن كنا نعذرهم على تلك المعاملة نتيجة التطورات العالمية وتفشى الأرهاب.