حزام وطريق التنمية أم الديون

تريليون دولار هي تكلفة مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي خطة طموحة لتوسيع الممر التجاري للعملاق الآسيوي لربط آسيا وأوروبا وافريقيا، بضخ قروض لبناء طرق وسكك حديدية وموانئ.
لكن في الآونة الأخيرة، شهدت الخطة بعض التعثرات، حيث أوقفت ماليزيا العمل في خط سكك حديدية بتكلفة 20 مليار دولار، بتمويل من الصين، يربط بين الساحلين الشرقي والغربي للبلاد، بعدما وصف رئيس الوزراء شروط المشروع بأنها تضر بالاقتصاد.
وقوبلت مبادرة الحزام والطريق بشكوك متنامية في دول أخرى من بينها سريلانكا المثقلة بديون تجد صعوبة في سدادها، وتم توجيه اتهامات غربية للصين بأنها تثقل كاهل القارة الافريقية أيضا بتقديم ديون يساء استغلالها.
واعترفت نائبة وزير المالية الصيني تسو جيا يي مطلع الأسبوع بوجود مشاكل خاصة بديون بعض مشروعات مبادرة الحزام والطريق، وقالت إن الحكومة ستعزز الرقابة الكلية بخصوص القدرة على الوفاء بالدين فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية.
ووقعت مصر والصين صفقات بقيمة 18 مليار دولار في إطار المبادرة، تشمل مشروعات طاقة وخط سكك حديدية وعقارات ومصفاة نفط، وأكدت سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، ن مصر تقبل فقط الاستثمارات الصينية في المشروعات التي تعود بالنفع على الجانبين، مستبعدة التأثر بمشاكل خاصة بالمبادرة، لأن مصر تحرص على تنويع مصادر تمويلها حتى في القطاع الواحد.
وأشارت نصر إلى أن الصين تشارك في بناء خط سكك حديدية لكن القاطرات وعربات القطار تأتي من مصادر أخرى.
ووفقا لبيانات وزارة الاستثمار والتعاون الدولي فإن إجمالي الاستثمارات الصينية في مصر بلغت 613 مليون دولار بنهاية سبتمبر الماضي، لتحتل المرتبة 21 بين كبار الدول المستثمرة في مصر، وهو ما يعني انخفاض تأثير الصين على الأرقام الاستثمارية والتنموية والتمويلية الكلية للاقتصاد المصري، مع وجودها ضمن متصدري الدول الموردة للبضائع إلى مصر بجانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وستستمر الحكومة الصينية في تمويل مشروعات تخدم مصالحها في قارة افريقيا، وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينج، الشهر الماضي، بتقديم 60 مليار دولار لتمويل مشاريع للتنمية في افريقيا خلال السنوات الثلاث المقبلة، تضاف إلى 60 مليارا تم تقديمها منذ 2015.
لكن يبدو أن الحكومة الصينية ستتعامل بحذر أكبر مع مشروعات مبادرة الحزام والطريق، حيث حذر الرئيس الصيني من الإنفاق على “مشاريع بلا جدوى”.
وقالت مبعوثة الصين الخاصة للشؤون الافريقية شو جينج جو إن بكين ستكون “يقظة جدا” في تعاونها مع افريقيا، وستقوم بدراسات جدوى قبل اختيار المشاريع.
ما يعني أن المبادرة، التي كانت تتوسع بشكل مضطرد خلال السنوات الماضية، من المتوقع أن تنمو بحذر خلال الفترة القادمة، وهو أمر من الصعب أن تتأثر به مصر، التي تعتمد على استراتيجية توزيع المخاطر قدر المستطاع.