fbpx
الرأي

كابتن كريم خالد يكتب: الظلم ظلمات

الظلم ظلمات

يسوق الله تعالى الظالمين إلى هلاكهم جزاء ظلمهم للعباد فلو يعلم من يقترف ظلماً أو يظلم غيره بغير وجه حق وبدون رحمة أو خوف من الله أي عذاب سيواجه في الدنيا وإن لم يكن في الدنيا فعذاب الآخرة أشد بأساً وأشد تنكيلا أنَّ الدائرة تدور وأن الله يمهل للظالمين ولا يهملهم حتى إذا أخذهم لم يُفلتهم.. “وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ”.. مجرد قراءة تلك الآية تجعلنا نفكر كثيراً قبل أن نرتكب خطيئة الظلم تلك الخطيئة الكبرى التي تُفسد في الأرض بعد إصلاحها نعم فالظلم ما هو إلى مفسدة تودي بنا إلى الهلاك.

 

لا أدرى كيف لمن يقرأ تلك الآية أو من يؤمن بالله وكتابه الكريم أن يظلم في الأرض ويتجبر على العباد ويسعى في الأرض فساداً.. أحياناً أظن أو أكاد أُجزم حقاً أن الذين يظلمون الناس خُلقوا من طينة غير التي خُلقنا منها قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة لا يخشون أحداً حتى الله سبحانه وتعالى لو كانوا يخشونه لكفوا أذاهم الذي يلاحق الناس فى الغدو والرواح. لو كان في قلوبهم قليل من اللين للازمهم تأنيب الضمير ولكن هؤلاء مات الضمير عندهم موتةً لا قيامة بعدها.. الظالمون ما هم إلا أناسُ غرتهم سُلطتهم وغرتهم سطوتهم وغرتهم الحياة الدنيا “وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لله جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ العَذَابِ”.

تجبروا ونسوا أن القوة لله جميعا فباتوا يقومون بأي شيء يُمكّن لهم في الأرض يكاد يصل بهم المطاف أن يتألهوا على الله وحتى كأنهم جعلوا العباد عُبّاداً لهم من دون الله حتى يضمنوا بقاء سلطتهم وسطوتهم.. ومن سنن الله تعالى في عباده سوق الظالمين إلى مهالكهم بما كسبت أيديهم فسيلاقوا أشد العذاب إن آجلاً أو عاجلاً وهي سنة في الظالمين ثابتة لا تتغير ولا تتخلف، سواء كان ظلمهم لأنفسهم، أم كان لغيرهم، وسواء كان ظلمهم لمجرد العبث وكأنهم يستلذون بإبقاء الخلق تحت رحمتهم يعبثون معهم كأنهم دُماً يحركونها متى أرادوا، أم كان ظلمهم لمصالح يظنونها فيفعلوا كل دنيء للوصول إليها غير آبهين بشيء إلا أنفسهم.

 

اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، ودعوة المظلوم لا ترد فهي ليس بينها وبين الله حجاب قد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرمًا ونهاهم أن يتظالموا
ولأن تحريم الظلم مطلق مُحكم لا يجري عليه أي استثناء، فلا يباح الظلم أبدًا، فلا مصلحة تبيحه، ولا ضرورة مهما عظمت ترخص فيه وإن كانت تلك الضرورة تقف عليها الحياة؛ وذلك ليُقطع الطريق على الظلمة فلا يسوغون ظلمهم، ولا يعتذرون باضطرارهم إليه، أو تحقيق المصالح به. وينجي الله المظلومين من بأس من يبطش بهم فالله تعالى حرَّم الظلم تحريماً محكمًا مطلقًا مغلظًا، فهو تعالى لا يعذب أحدًا إلا بظلم اقترفه.. فلا هلاك إلا بظلم، ولا ظلم إلا وعاقبته هلاك.

فاتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، ودعوة المظلوم لا ترد فهي ليس بينها وبين الله حجاب قد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرمًا ونهاهم أن يتظالموا.. فسنن الله تعالى في عباده لا تتبدل ولا تتغير، فلا يردها قوي مهما بلغت قوته، ولا تتعجل لمستعجل حتى تبلغ أجلها الذي ضربه الله تعالى لها “سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا”.

وعقوبة الظالم لا تتخلف أبدًا؛ فهي عقوبة تصيبه في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعًا، وكل الأمم التي عذبت وأهلكت علق هلاكها بظلمها، وهي أمم كثيرة كما دل على ذلك القرآن “وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ. فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِين”، فالظلم ما هو إلا وبال نهايته هلاك وقد خاب من حمل ظلما!

زر الذهاب إلى الأعلى