fbpx
تقارير وملفات

المصريون على أعتاب “الدخل المرتفع” فقط في هذه الحالة

يتناول فيلم “على من نطلق الرصاص؟” شخصية تهاني (سعاد حسني)، وهي فتاة مصرية متوسطة الحال تسعى لتحقيق حلمها بالثراء، ولكن تهاني تسير وحدها في شوارع القاهرة  في مشهد نهاية الفيلم، الذي أنتج عام 1975، بعد أن فشلت في تحقيق أحلامها.

ويقول البنك الدولي إن تهاني لم تكن الاستثناء، فمصر تصنف كدولة متوسطة الدخل منذ 1975 حتى 2018، وهو وضع أطلق عليه البنك الدولي “شِرك الدخل المتوسط”، في تقريره الصادر هذا الشهر بعنوان “اقتصاد جدید لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفریقیا”.

فلفظ “متوسطة” يُعبر عن قياس نسبي، بين المرتفع والمنخفض، حيث يبقى الشقيق الأوسط أوسط مهما نما، لأن شقيقيه الأكبر والأصغر ينموان أيضًا، لذا فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري بمتوسط 4% طوال “فترة مبارك” لم يدفع مصر لأن تكون دولة متقدمة، بل بالكاد حافظ على موقعها بين الدول المتوسطة منخفضة الدخل.

وتُقسم البلدان إلى ثلاث مجموعات للدخل، منخفضة ومتوسطة ومرتفعة، وذلك استنادا إلى متوسط القوى الشرائية للفرد مقارنة بمثيله في الولايات المتحدة.

ويتم تعريف بلد ما بأنه منخفض الدخل إذا كان نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي أقل من 10٪ من مثيله في الولايات المتحدة، ومتوسط الدخل إذا كان بين 10٪ و50٪، ومرتفع الدخل إذا كان أعلى من 50٪ من متوسط الدخل في الولايات المتحدة.

ما يعني أنه طالما استطاع المواطن المصري المتوسط شراء ما بين 10% و50% من السلع التي تتوفر للمواطن الأمريكي العادي، فنحن دولة متوسطة الدخل، وهذا هو الوضع من سبعينات القرن الماضي.

ويرى البنك الدولي أن البلدان النامية محرومة من الوصول إلى مصاف البلدان مرتفعة الدخل، بسبب وجود سقف للنمو الاقتصادي بعد أن يبلغ بلد ما مصاف البلدان متوسطة الدخل، نتيجة النماذج الاقتصادية المُتبعة في هذه الدول.

فبعد الوصول لمتوسط دخل معين تفقد الدول قدرتها على النمو السريع، والمسألة لا تخص مصر فقط، بل كل دول منطقة الشرق الأوسط، وهذا حادث في الصين أيضًا منذ سنوات، حيث انخفض النمو عن معدلاته الرهيبة المتجاوزة حاجز الـ10%، نتيجة تخلي الاقتصاد تدريجيًا عن ميزة العمالة الرخيصة، مع ارتفاع متوسط الدخل، بالإضافة إلى أن القطاعات القائدة الجديدة غير قادرة على قيادة النمو بنفس المعدلات.

لذلك تقوم الصين بعمليات إعادة هيكلة واسعة للاقتصاد، لتحقيق معدلات نمو مُرضية أو على الأقل إبطاء سرعة انهيار النمو.

وفي الحالة المصرية تسببت معدلات النمو المتوسطة، 4% سنويًا، وحالات خفض قيمة الجنيه المتكررة إلى خفض القوى الشرائية للمواطنين مقارنة بالولايات المتحدة، لنبقى عند نفس مستوى الدخل لعقود، وتزداد الفجوة بين متوسط الدخل في مصر ومتوسط الدخل في الدول المتقدمة.

وكان الجنيه يساوي دولارين ونصف الدولار في منتصف السبعينات من القرن الماضي.

لا يرى البنك الدولي مخرجا من هذا “الشِرك” إلا بتعديل النظام الاقتصادي المصري، واستبدال قطاعات جديدة بالقطاعات القائدة للنمو حاليًا، وأهمها قطاع تكنولوجيا المعلومات، فهو محرك جيد للنمو عالميًا، ويحقق طفرات في دخول المواطنين في فترات أقصر، خاصة مع وجود مستوى مرتفع من رأس المال البشري في مصر، وفقًا لتقدير البنك الدولي.

إن اعتماد نموذج اقتصادي يقوم على التكنولوجيا ويشجع الابتكار والإبداع وتحمل المخاطر، هو الحل الأمثل لتحقيق أحلام تهاني وغيرها من المصريين.

بواسطة
تقرير – محمد عيد
زر الذهاب إلى الأعلى