fbpx
تقارير وملفات

«سد النهضة».. طموح إثيوبي لبيع الكهرباء وبوادر مصرية لكسر الجمود

ومازال الجمود يكتنف مشروع بناء سد النهضة، واليوم وفي مبادرة مصرية لكسر هذا الجمود أعلنت الخارجية المصرية عن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري غدا الثلاثاء، إلى أديس أبابا العاصمة الإثيوبية، مما يطرح بوادر جديدة للخروج من هذا الخلاف الدائر بين الأطراف الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، منذ ستة أعوام من المفاوضات، والتي كان آخرها جولة الاجتماعات الأخيرة في نوفمبر الماضي، حيث كانت نتائجها سلبية أيضًا.

وخاضت «مصر والسودان وإثيوبيا» 17 جولة من المفاوضات، انطلقت قبل ست سنوات، في محاولة لتجنب الإضرار بحصة مصر من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، وسط طموح إثيوبي سياسي، ورغبتها في إنتاج وبيع الكهرباء، حيث قررت زيادة مواصفات تخزين السد من 11 مليار متر مكعب، إلى 74 ملياراً، وهو يعادل سبعة أضعاف السعة المقترحة تقريبا.

التزام وخطة مصرية

واتفاقا مع المنهج المصري تجاه السد، أكد المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن الزيارة تأتي في إطار تحرك مصري جديد يستهدف كسر الجمود الخاص بالمسار الفني المتمثل في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة.

ومن المنتظر أن يطرح الوزير شكري أفكارًا ومقترحات تستهدف مساعدة الأطراف على اعتماد التقرير الاستهلالي المعد من جانب المكتب الاستشاري في أسرع وقت لضمان الانتهاء من الدراسات الخاصة بالسد في نطاق الإطار الزمني المحدد في اتفاق إعلان المبادئ.

وتأتي تلك المبادرة، انطلاقًا من إدراك مصري كامل بحساسية الموقف الحالي نتيجة توقف مسار المفاوضات الفنية، وأثر ذلك فى تأخر عملية إعداد الدراسات التي من شأنها أن تحدد الآثار المحتملة للسد على مصر وكيفية تجنبها، لاسيما أن اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان في مارس 2015 يلزم الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول سنوات ملء خزان السد وأسلوب تشغيله على ضوء نتائج تلك الدراسات.

وكان منهج مصر خلال المرحلة السابقة في التعامل مع القضية، ثابتًا، حيث كان يتمسك بالالتزام الكامل ببنود الاتفاق الإطاري الثلاثي، وإبداء حسن النية والرغبة في بناء الثقة وإرساء دعائم التعاون، مع الحفاظ الكامل على مصالح مصر المائية المشروعة.

أصل الخلاف

ويشمل الخلاف الذي يمثل السودان أيضا طرفا فيه، توزيع حصص مياه نهر النيل الذي يمتد لـ 6695 كيلومترا من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسط ويعد شريان الحياة الاقتصادية في الدول الثلاث، حيث شهدت الجولة الأخيرة نتائج سلبية، ففي حين تتهم اثيوبيا والسودان مصر بمعارضة المشروع، تؤكد مصر عدم معارضتها لهذا المشروع.

فمن جانبه، حمّل وزير الري الإثيوبي سيليشي باكليه، الجانب المصري مسئولية عدم التوصل إلى اتفاق حول التقرير الاستشاري، بسبب مطالبه بإضافة موضوعات خارج مرجعية التفاوض المتعلقة بسد النهضة، كاشفا في هذا الصدد عن طلب تقدم به السودان لاستضافة الاجتماع المقبل بين الدول الثلاث حول سد النهضة، وإثيوبيا تؤمن بأن المفاوضات هي السبيل الوحيد لحل الخلافات.

وقال وزير الري السوداني معتز موسى في هذا الشأن: «مصر غير مستعدة لقبول تعديلات على التقرير قدمتها الخرطوم وأديس أبابا»، مشيرًا إلى أن «السودان وإثيوبيا أبدتا قلقهما بشأن عدة نقاط خاصة بالأساس الذي تقيس الدراسة عليه آثار السد».

ومن جانبها، تعترض مصر على السعة التخزينية الكبيرة للسد، التي تصل إلى 74 مليار متر مكعب في العام، وهو ما يؤثر في حصتها السنوية البالغة نحو 55 مليار متر مكعب، حيث قال محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه ووزير الري المصري السابق: «من الواضح أنهم لا يريدون التوصل إلى نتيجة سريعة .. نعتقد أنهم يريدون البدء في ملء الخزان واستكمال بناء السد في حين ما زالت بعض المناقشات جارية».

وقال السفير أحمد أبوزيد المتحدث باسم وزارة الخارجية: «إن مصر لا تعارض إنشاء سد النهضة بأي حال من الأحوال، وتعترف بحق إثيوبيا في توليد الكهرباء وإحداث تنمية ولكن بالأسلوب الذي لا يضر بمصالح مصر في حصتها من المياه»، مضيفا أن هناك اتفاق ثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان يهدف إلى إرساء مبدأ عدم الضرر بالآخر، وهناك مبادئ أساسية متفق عليها أهمها عدم الاقتراب من حصة مصر في المياه، وكذلك حق إثيوبيا في التنمية.

طموح إثيوبي مهدد بالانهيار

وحول الموقف المصري والمخاطر المحيطة بالسد والمخاوف المصرية من هذا السد، أكد الدكتور عباس شراقي خبير الموارد المائية أستاذ الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الإفريقية، أن الموقف المصري اتسم بالمرونة، بينما اعتبر الموقف الإثيوبي متعنتًا .

وحول الطبيعة الجيولوجية لإثيوبيا، أكد الخبير أنها لا تناسب المشروعات المائية الضخمة، مثل سد النهضة، محل الخلاف مع مصر، وبناء السد ليس مصدره احتياج إثيوبيا لماء الشرب أو زراعة أراضٍ، لأن المنطقة المقام عليها السد منحدرة وليست منبسطة، إنما مصدره الطموح السياسي، وتوليد وبيع الكهرباء.

وحذّر خبير الموارد المائية، الدكتور عباس شراقي، في ندوة أقامها «معهد الدراسات الإفريقية»، التابع لجامعة القاهرة الأسبوع الماضي من انهيار سد النهضة، حيث يمكن أن ينهار، وفي هذه الحالة سيحدث تدمير شامل في السدود السودانية، وسيكون بمنزلة «تسونامى جديد»، لكنه لن يضر بالسد العالي، نظراً لطول المدة التي ستصل فيها المياه، ووجود بدائل لدى مصر لتحويل مياه النهر، بما يقلل الأضرار الناتجة عن انهيار السد.

وحول الموقف المصري قال الخبير إن «مصر لا تقف أمام طموحات الدول الإفريقية للتنمية، بما في ذلك إثيوبيا، ولكن عند بناء أي سد يجب أن يكون متوافقاً في المواصفات الفنية والهندسية مع الموقع الذي يُقام فيه، إلى جانب حساب حجم المخاطر المترتبة على انهيار السد، وذلك ما لم يراع في سد النهضة الإثيوبي»، مضيفًا أن مصر حرصت على عدم إعلان فشل المفاوضات فترة طويلة، لإعطاء فرصة، وإثبات حسن النوايا.

بواسطة
منارة جمال
زر الذهاب إلى الأعلى