fbpx
الرأي

مشاري الذايدي يكتب : ولاية الفقيه والانتخابات العراقية

هل هناك سند دستوري عراقي يجعل من أشهر رجل دين شيعي في العراق مرجعية حاكمة؟

حسب دستور 2005 طبقاً لقراءة الكاتب والباحث العراقي رشيد الخيّون، ليس ثمة سند من دستور يقود إلى هذه الخلاصة، كل ما هنالك، حسب الدستور، صيغ توقيرية «للمراجع العظام» مثلهم مثل «القوى الوطنية»… هذا أقصى ما يمكن قوله عن السند الدستوري.

لمَ إذن نجد هذا الحضور الملحّ من قبل الجماعات الشيعية السياسية للمرجع الشيعي في النجف أو كربلاء، حالياً مرجعية السيد السيستاني؟

هل العراق دولة ولاية فقيه؟

سؤال مدهش خصوصاً مع حلول الموسم الانتخابي والخطاب السياسي العراقي.

ضع مع ذلك، كما يشير رشيد الخيّون في مقالته المهمة بصحيفة «الاتحاد» الإماراتية بعنوان «ولاية فقيه… فلماذا ينتخب العراقيون؟!»، أن السيستاني قد نأى بنفسه عن مفهوم ولاية الفقيه أكثر من مرة.

المقلق هو أن هذا النأي غير محسوم تماماً، حيث نجد لوكيل المرجعية السيستانية، خطيب كربلاء، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في خطبة الجمعة بتاريخ 13 يونيو (حزيران) 2014، كلاماً واضحاً عن ولاية الفقيه حسب الفهم الخميني لها، أي ممثل عن المهدي الغائب، تجب طاعته، لأنه يعبر عن الإرادة الإلهية. ومن ضمن كلام خطيب كربلاء، وكيل السيستاني، أن الاتصال بالإمام يتم عن طريق «الفقهاء العدول مراجع الدين العظام الذين تتوفّر فيهم الشروط التي بيَنها الإمام، هؤلاء تجب طاعتهم، في كل مجالات الحياة».

وعليه هل بقيت قيمة حقيقية للتنافس البرلماني والبرامج الانتخابية: «الأمر بيد نائب الإمام الغائب، الذي نوّه الكربلائي في خطبته بأنه حيُ، يرى ويسمع ما يحدث، ويتدخل عن طريق نائبه؟!».

لقد وضع الكاتب والباحث العراقي رشيد الخيّون يده على موضع الداء، وهو هوية النظام السياسي العراقي الجديد. نعم هو ليس نظام ولاية فقيه، هذا أكيد، وهناك حتى من رجالات بعض القوى الدينية الشيعية مَن يرفض صراحة مفهوم ولاية الفقيه، سواء بصيغته الخمينية الصريحة، أو بالصيغة الضبابية الأخرى: شورى الفقهاء.

العراق أصلاً لا يمكن له أن يتعايش مع فكرة خطيرة من هذا النوع، والعالم كله يرصد حصاد نظام ولاية الفقيه بالجارة إيران، والعراقي بطبعه مجبول على التنوع والتعدد.

كل هذا صحيح، لكنه لا يعني أن هناك من يريد تعميق السلطة الدينية، أو التلحّف بها، قدر الطاقة، وحسب الفرص المتاحة.

إن كان من درس يجب على العراق، وكل العرب وكل المسلمين الوصول له، هو أن من صالح الدين والدنيا، ألا تعتمر الدول عمائم المشايخ والسادة.

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى